الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص215
يفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن فيها وإن كانت ممن لا يخاف حبلها لصغر أو آياس ، ففي جواز الاستمتاع بها وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : يجوز استمتاعه بها ولا يمنع منه ، لأنها منفعة لا تفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن منها ولا إلى النقصان فيها .
وتعليل الشافعي يقتضيه والوجه الثاني وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، أنه يمنع من الاستمتاع ، لأن عادة النساء في زمان الحمل مختلفة ، فربما أسرع إليها بقوة الطبع وفرط الحرارة ، وربما تأخر لضعف الطبع وكثرة البرودة ، فكان حسم ذلك لاختلافه خوفا من حدوث الإحبال أولى .
كما أن طباع الناس لما كانت تختلف في السكر فمنهم من يسكر بالقليل ومنهم من لا يسكر به ، منع من قليله وكثيره .
فإذا تقرر هذان الوجهان ، فإن قيل : إنه ممنوع من الاستمتاع بها ، لم يجز أن يخلو بها في الاستخدام لها خوفا من مواقعتها سواء كانت جميلة أم لا ، إلا أن يأذن المرتهن فيجوز ، لأن هذا المنع ليس لحق الله تعالى كمنع المرتهن فإذا أذن جاز .
فإذا قيل : إنه غير ممنوع من الاستمتاع ، جاز أن يخلو بها في الاستخدام لها ، لأن أكثر ما يخاف من الخلوة بها أن يطأ والوطء مباح له ، والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا حكم الزيادة المتصلة فيما مضى قبل .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان الرهن ماشية ، فإن كانت ذكرانا فله أن ينزيها على إناثه ما لم يتجاوز فيها العرف ، لأن الإنزاء من منفعتها ولا ينتقص شيء من ثمنها ، فإن كانت إناثا فأراد أن ينزي عليها ذكرانا ، فإن كانت تضع قبل حلول الحق فله ذلك ، وليس للمرتهن منعه منه في أوانه ، لما في منعه من تعطيل نفعها وذهاب نتاجها ، فإن قيل : أليس لو كان الرهن جارية لم يكن للراهن أن يزوجها خوفا من حبلها . فهلا كان ممنوعا في الماشية من الإنزاء عليها لأجل حبلها قيل الفرق بينهما من ثلاثة أوجه :