پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص205

قال الماوردي : قد مضى الكلام في أن نماء الرهن ومنافعه ملك للراهن دون المرتهن ، فقدم الشافعي سكنى الدور وزروع الأرضين فإن كان الرهن دارا فللراهن حالات ، حال يريد سكناها وحال يريد إجارتها ، فإن أراد أن يسكنها فمنصوص الشافعي في كتبه الجديدة أن له ذلك ولا يمنع من سكناها مدة الرهن ، فإذا حل الحق بيعت فيه .

وقال في الرهن الصغير والرهن القديم : يمنع من سكناها إلا أن يأذن المرتهن ، وقيل : لك أن تؤجرها غيرك ولا تسكنها بنفسك .

فاختلف أصحابنا ، فكان بعضهم يخرجها على قولين .

وقال آخرون وهذا الصحيح : أنها ليست على قولين وإنما هي على اختلاف حالين ، فالموضع الذي أجاز للراهن أن يسكنها بإذن المرتهن وغير إذنه إذا كان ثقة يؤمن جحوده والموضع الذي منع الراهن أن يسكنها إلا بإذن المرتهن إذا كان متهما لا يؤمن جحوده . فإن أراد الراهن إجارتها ، فله أن يؤاجرها مدة الرهن من غير زيادة عليها ، مثاله أن تكون مدة الرهن وأجل الحق سنة ، فله أن يؤاجرها سنة فما دون وليس له أن يؤاجرها أكثر من سنة فإن آجرها أكثر من سنة نظر ، فإن كان الراهن قد آجرها بإذن المرتهن ، صحت الإجارة ولزمت ، وإن أجرها بغير إذنه ففي الإجارة قولان :

أحدهما : جائزة .

والثاني : غير جائزة ، بناء على اختلاف قوليه في بيع الدار المؤاجرة ، فإن قيل إن بيع الدار المؤاجرة جائز ، جازت المؤاجرة وإن قيل إن بيع الدار المؤاجرة لا يجوز لم تجز الإجارة .

فإذا قلنا إن الإجارة غير جائزة ، فهي باطلة فيما زاد على السنة ، وهل تبطل في السنة أم لا ؟ على قولين من تفريق الصفقة ، لأنه عقد قد جمع جائزا وغير جائز . وإذا قلنا الإجارة جائزة فإن لم تكن توكس في ثمن الرهن فهي لازمة في جميع مدتها ، وليس للمرتهن الاعتراض ، وإن كانت توكس في ثمن الرهن ، بطلت الإجارة فيما زاد على السنة ، وهل تبطل في السنة أم لا على قولين ، لأن ما فعله الراهن مما يوكس في ثمن الرهن مردود كتزويج الأمة ، وسواء رضي بذلك المرتهن فيما بعد أو لم يرض .

( فصل )

وإذا كان الرهن أرضا . فللراهن حالات ، حال يريد إجارتها وحال يريد زراعتها ، فإن أراد إجارتها كان على ما مضى في إجارة الدار ، وإن أراد زراعتها فله ذلك قولا واحدا بخلاف سكنى الدار ، فإن للساكن يدا على الدار فجاز أن يمنع منه الراهن إلا بإذن المرتهن ، وليس للزارع يد على الأرض ، وإنما يده على الزرع ، فلم يمنع منها الراهن .