الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص193
وإن كان مقرا بالألف كلها ومنكرا أن يكون سالم رهنا إلا في خمسمائة منها ، فالقول قول الراهن مع يمينه : بالله ما رهنه سالما إلا في خمسمائة وسواء كان سالم يساوي ألفا أو خمسمائة .
وقال مالك : إن كان سالم المرهون يساوي خمسمائة فما دون ، فالقول قول الراهن مع يمينه ويكون رهنا بخمسمائة ، وإن كان سالم يساوي ألفا فما زاد ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ، ويكون رهنا بالألف ، استدلالا بالعادة واستشهادا بالعرف ، إن العبد يكون رهنا بقدر قيمته والدلالة عليهم عموم قوله ( ص ) ‘ البينة على المدعي واليمين على من أنكر ‘ . ولأن إنكار الراهن ما زاد على خمسمائة ، أغلظ من إنكاره الرهن فيها مع إقراره بها ، فلما لم يكن الاستشهاد بالعرف في اعتباره بقيمة العبد دليلا على قبول قول المرتهن في إثبات الزيادة ، لم يكن دليلا على قبوله في إثبات الرهن في الزيادة ، ولأن إنكاره الألف في جميع الرهن ، أعظم من إنكاره الرهن في بعض الألف ، فلما كان لو أنكر الرهن في جميع الألف ، كان القول قوله ولم يعتبر العرف في الراهن أنه مما لا يوثق بذمته إلا برهن ، ولا في المرتهن أنه مما لا يوثق بذمته إلا برهن ، وجب إذا أنكر الرهن في بعض الألف أن يكون القول قوله مع يمينه ، ولا يعتبر العرف في قيمة الرهن ، ولأن الدعاوى لا تقوى بالتعارف وظهور الحال ، بدليل أن دعوى العدل التقي على الفاسق الغوي في الشيء غير مقبول ، وإن كان الظاهر في التعارف صدق المدعي فيها ، ودعوى العطار على الدباغ عطرا لا يوجب قبول قول العطار فيه ، وإن كان العرف يقتضيه ، كذلك الرهن لا تعتبر قيمته في قبول قول المرتهن ، وإن جاز أن يكون العرف معه ، ولأن العرف في الرهن يختلف ، فمن الناس من يرهن ما فيه وفاء على الحق ، ومنهم من يرهن ما فيه نقصان عن الحق ، فلم يجز أن يكون العرف مع اختلافه معتبرا .
أحدهما : أن يتفقا على أن للمرتهن ألف حالة وإن له ألفا مؤجلة ، ثم يختلفان ، فيقول المرتهن ، رهنتني سالما في الألف الحالة ، ويقول الراهن : رهنتك في الألف المؤجلة . فالقول قول الراهن مع يمينه ، بالله ما رهنه سالما في الألف الحالة ، ويخرج سالم من الرهن في المؤجلة والحالة ، أما الحالة فبيمين الراهن وأما المؤجلة فبإنكار المرتهن .
والضرب الثاني : أن يتفقا على أنها ألف واحدة وإن سالماً رهن بها ، ثم يختلفان في حلولها وتأجيلها ، فيقول المرتهن : هي حالة ، ويقول الراهن : بل هي مؤجلة ، ففيها قولان :