الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص187
فقد رد ما قام مقامه من قيمته ، وإن كان قد أوجب قصاصا ، اقتص له من قاتله ، وليس للمرتهن فسخ البيع لأنه وإن كان في اقتصاص سيده واسترجاع بدله لما لم يكن له الفسخ مع خروجه بالقتل والقصاص من يده ، فأولى ألا يكون له الفسخ إذا علم بعيبه .
قيل : الفرق بين المبيع والمجني عليه ، أن المبيع قد عاوض عليه سليما ، ولم يكن نقص العيب مؤثرا إذا لم يظهر عيبه إلا بعد نفوذ بيعه كالمشتري إذا باع ثم ظهر على عيب له ، لم يكن له فسخ ولا أرش ، وليس المجني عليه كذلك لأن المأخوذ فيه قيمته التي كان يسواها وقت الجناية مع نقصه بالعيب فافترقا .
فلو أن مشتري الرهن ظهر على عيبه فرده به ، وطالب برد ثمنه نظر ، فإن استرجع الثمن من يد المرتهن أو من يد العدل الموضوع على يده الرهن ، فللمرتهن فسخ البيع ، لأن الرهن قد عاد إلى حكمه قبل البيع .
وإن كان المشتري قد رجع على الراهن بالثمن ولم يسترجعه من يد المرتهن ، فليس للمرتهن فسخ البيع ، لسلامة الثمن له وارتفاع ضرر النقص عنه ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، التطوع بالرهن من غير شرط في عقد البيع جائز كجوازه لو كان مشروطا في البيع ، لأن الرهن وثيقة فيصح التطوع بها كالشهادة والضمان ، ولأن الرهن عقد ينفرد بحكمه بدليل افتقاره إلى بذل وقبول ، فصح عقده مفردا وإن لم يكن مشروطا في غيره كسائر العقود ، وليس كالأجل الذي لا يصح بغير شرط في العقد ، لأنه ليس بعقد ينفرد بحكمه ، فإذا ثبت هذا فتطوع المشتري فأعطى البائع رهنا بالثمن من غير شرط عليه ، فقد لزم الرهن بإقباضه كما لو كان مشروطا ، وليس للمشتري انتزاع الرهن إلا بعد قضاء الحق كله ، وتكون جميع أحكام هذا الرهن كأحكام الرهن للشروط في البيع . إلا في شيء واحد ، وهو أن البائع المرتهن إذا بان له بالرهن عيب متقدم ليس له فسخ البيع .
ولو كان مشروطا في البيع كان له فسخ البيع ، لأنه إذا كان مشروطا فقد دخل عليه