الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص183
قدرها ، فلم يجز أن يقاس عليها الرهون في تعيين قدرها ووصفها مع أن جنس الأثمان واحد فيصح تعينه بالعرف ، وليس جنس الرهن واحد فيصح تعينه بالعرف ، على أنه ليس في الرهن عرف يتعين به ، لأنه قد يرهن القليل في الكثير والكثير في القليل ، فأما فرق أبي حنيفة بين الرهن والضمان بناء على أصله فنحن نخالفه في أصله كما نخالفه في فرعه .
وأما الرهن فإنه يصح أن يكون معينا بأحد أمرين إما بالإشارة إليه مشاهدة أو تسمية كقوله : على أن أرهنك عبدي أو أرهنك عبدي سالما ، وإما بالصفة من غير إشارة وهذا فيما يصح أن يكون موصوفا في السلم كقوله : على أن أرهنك عبدا خماسيا ويذكر أوصافه المستحقة في السلم فيصير معين الوصف ، فإذا أقبضه عبدا بتلك الصفة صار معين الذات فلم يكن له إبداله بعد قبضه بعيد على وصفه .
أحدهما : باطل وهو الذي نص عليه في هذا الموضع لأن البيع وإن صح أن يعرى من الرهن والضمان ، فقد صار الشرط صفة من صفاته كالأجل ، ثم كان الجهل بالأجل مبطلا للبيع وإن صح أن يعرى منه ، وجب أن يكون الجهل بالرهن والضمان مبطلا للبيع وإن صح أن يعرى منه .
والقول الثاني : في أن البيع جائز وللبائع الخيار واختاره المزني ، لأن الرهن ينفرد بنفسه ، فلم يكن فساده في العقد بنفسه مفسدا لما اقترن به ، كالصداق الذي لما صح إفراده عن العقد ، لم يكن في النكاح مفسدا للنكاح الذي يقترن به ، ولهذا فارق فساد الأجل ، لأن الأجل لا يصح إفراده بنفسه فكان فساده في العقد مفسدا لما اقترن به .
قال المزني : الرهن فاسد للجهل به والبيع جائز للعلم به ، ولمن قال بالأول أن ينفصل عن قوله بأن دخول الجهالة في الرهن وفساده يوجب دخوله الجهالة في الثمن المضمون به ، والله أعلم .