الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص182
الحق كالشهادة . ولأن النقص في صفة البيع نقصان ، نقص في الثمن يوجب خيار البائع ، ونقص في المثمن يوجب خيار المشتري .
فلما كان النقص في المثمن بظهور العيب إذا أوجب خيار المشتري لم يوجب خيار البائع لأجل ما ثبت من خيار المشتري ، وجب أن يكون النقص في الثمن لعدم الوثيقة إذا أوجب خيار البائع لم يوجب خيار المشتري لأجل ما ثبت من خيار البائع .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
إذا شرط في عقد البيع رهنا مجهولا أو ضمينا مجهولا ، كان الشرط باطلا والرهن والضمان فاسدين ما لم يكونا معينين .
وقال مالك : يصح اشتراط الرهن والضمان وإن لم يكونا معينين . وقال أبو حنيفة يصح اشتراط الضمان وإن لم يكن معينا ولا يصح اشتراط الرهن حتى يكون معينا ، استدلالا بأنها وثيقة فجاز اشتراطها غير معينة كالشهادة ، ولأن ما يتعين بالعرف يستغنى فيه عن تعينه بالشرط كالأثمان والعرف في الرهن أن يكون بقيمة الحق ، وفي الضمان أن يكون في الذمة كما أن العرف في الأثمان المطلقة أنها من نقد البلد .
وأما أبو حنيفة فإنه فرق بين الرهن والضمان بأن بناه على أصله في أن الرهن يؤخذ بدلا من الحق فلم يصح إلا معينا ، وليس الضمان بدلا من الحق فجاز أن يكون معينا .
ودليلنا : أنه رهن مجهول فوجب ألا يصح كالحمل في بطن أمه ، ولأن الرهن يتضمن معنى البيع لأنه موضوع لاستيفاء الحق من ثمنه ، فلما كانت جهالة المبيع مانعة من صحة البيع وجب أن تكون جهالة المرهون مانعة من صحة الرهن .
ومن الدليل على أبي حنيفة : أنها جهالة تمنع صحة الرهن فوجب أن تمنع صحة الضمان ، أصله إذا شرط أن يضمن له من شاء زيد .
فأما قياسهم على الشهادة فالمعنى في الشهادة أنها لما لم يتعين بالتعين جاز إطلاقها من غير تعين ، ولما تعين الرهن والضمان بالتعين لم يصح إطلاقهما من غير تعين . وأما قياسهم على الأثمان لأنها تتعين بالعرف فغلط لأن الأثمان إنما تتعين منها بالعرف وصفها دون