الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص181
أحدهما : له الخيار في فسخ البيع لعدم شرطه كما لو شرط ضامنا لم يلزمه الرضا بضمان غيره وإذا شرط رهنا لم يلزمه أخذ رهن غيره ، كذلك لو شرط شهادة شاهدين معينين .
والوجه الثاني : وهو أصح ، أن خيار البائع قد أسقط بإشهاد شاهدين إذا كانا عدلين وإن كانا غير المعينين المشروطين بخلاف الرهن والضمان .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنه لما صح اشتراط شاهدين غير معينين لم يتعينا وإن شرطا معينين ، ولما لم يصح اشتراط رهن أو ضمين غير معين لزم إذا كان معينا .
والفرق الثاني : أن المقصود بالضمان والرهن يختلف باختلاف ذمم الضمناء وقيم الرهون . والمقصود بالشهادة لا يختلف باختلاف الشهود ، ولهذا لو قدر المشتري على الشاهدين المعينين فعدل عن إشهادهما إلى إشهاد غيرهما كان خيار البائع على الوجهين ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا شرط البائع على المشتري في عقد البيع رهنا معينا أو ضمينا معروفا ثم امتنع من قبض الرهن أو قبول الضمان لم يجبر على القبض أو القبول لأنه وثيقة له ، ولا خيار للمشتري في فسخ البيع بامتناع البائع من قبض الرهن وقبول الضمان وقال داود بن علي : للمشتري فسخ البيع في امتناع البائع من قبول الضمان وليس له فسخ البيع في امتناعه من قبض الرهن .
وقال أبو حنيفة : للمشتري فسخ البيع في امتناعه من قبض الرهن وليس له فسخ البيع في امتناعه من قبول الضمان .
وبنى كل واحد منهما ذلك على أصله فأما أبو حنيفة فلأن من أصله أن المرهون مضمون على مرتهنه ، فإذا امتنع المرتهن من قبضه صار ممتنعا مما شرط عليه من أخذه بحقه فثبت للراهن الخيار . وأما داود فلأن من أصله أن الضمان يسقط الحق من ذمة المضمون عنه ، فإذا امتنع البائع من قبول الضمان صار ممتنعا من نقل حقه من ذمة المشتري ، وشرط الضمان قد ألزمه بنقل حقه فثبت للمشتري الخيار ، وكلا الأصلين عندنا غير مسلم وسيأتي الكلام فيهما إن شاء الله تعالى .
ثم من الدلالة عليهما أنها وثيقة في الحق فلم يكن ترك قبولها موجبا لخيار من عليه