الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص165
فداه بإذن الراهن فعلى ضربين ، أحدهما أن يفديه بأمره على شرط الرجوع وهو أن يقول : أفده بالجناية لترجع علي فللمرتهن أن يرجع على الراهن بما فداه به .
والضرب الثاني : أن يفديه بأمره من غير شرط الرجوع وهو أن يقول : أفده عني ، فللمرتهن الرجوع أم لا على وجهين مضيا .
قال الشافعي : فذلك جائز ، واختلف أصحابنا فقال بعضهم : في جوازه قولان من إدخال حق ثان على أول ، وقول الشافعي إنه جائز يعني على أحد القولين وهو قوله في القديم ونقله المزني إلى هذا الموضع ، وقال آخرون : بل ذلك جائز قولا واحدا وفرقوا بين ارتهانه بالأرش مع الحق الأول فيجوز قولا واحدا وبين ارتهانه بحق ثان مع الحق الأول فيكون على قولين ، لأن فديته بالأرش استصلاح للرهن ، فجاز فيه ما لا يجوز في غيره من الحقوق المبتدأة في الرهن والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أمر السيد عبده المرهون بالجناية فجنى العبد عن أمر السيد لم يخل حال العبد من أحد أمرين :
إما أن يكون عالما بأن طاعة السيد فيما حظره الشرع لا تجوز ، أو يكون جاهلا بذلك فإن كان عالما بأن السيد لا يجوز أن يطاع في المحظور من قتل أو إتلاف فهذا على ضربين : –
أحدهما : أن العبد المأمور جنى غير مكره ولا مجبر فالجناية منسوبة إلى العبد دون السيد ، فيكون حكمها حكم جنايته لو لم يأمره السيد بها وسواء كان بالغا أو مراهقا إذا كان بحظر ما فعله عالما ، لأن أمر السيد إنما يلزمه امتثاله فيما أبيح فعله دونما حظر ، وأمر السيد بالمحظور غير ممتثل .
بل يكون بأمره آثما لأنه يصير بالأمر على معصية الله تعالى معاونا ، والمؤاخذ بالجناية هو العبد الجاني دون السيد الآمر .