الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص160
وللمرتهن أخذ الأرش من الجاني ليكون رهنا مكان العبد أو قصاصا من الحق فإن أخذ المرتهن الأرش فكان رهنا مكان العبد أو قصاصا من الحق ، ثم أن الراهن قضى المرتهن حقه من ماله ، فللمرتهن أن يأخذ الأرش ويتملكه ولا يلزمه أن يرده على الجاني لأجل ما تقدم من عفوه ؛ لأن عفوه وقع باطلا لم يبرئ الجاني فكان الأرش مأخوذا منه بحق لازم فلم يجب رده عليه .
وأما الضرب الثاني وهو ما يضمن بالجناية ولا يضمن بالغصب فمثاله أن يقطع الجاني ذكره فتجب فيه كمال قيمته ولا ينقص ذلك من قيمته فتصير هذه القيمة بالجناية مضمونة وبالغصب غير مضمونة ، وإذا كان كذلك فالقيمة الواجبة بهذه الجناية يختص بها الراهن ولا تكون رهنا يتعلق به حق المرتهن كالنماء لأن حق المرتهن فيما قابل النقص المضمون بالغصب ، ولو عفا الراهن عنه صح عفوه وبرئ الجاني منه ، لأنه عفا عما لم يتعلق به حق المرتهن فكان عفوه صحيحا والله أعلم .
فلو عفا الراهن صح عفوه عن قيمة ونصف وهو قدر ما يختص به ولم يصح عفوه عن نصف القيمة لتعلق حق المرتهن به .
وأما الضرب الرابع : وهو ما ينقص فيه ضمان الجناية عن ضمان الغصب فمثاله أن تقطع إحدى يديه فيجب عليه نصف القيمة ويكون الناقص منه بهذه الجناية ثلاثة أرباع القيمة ، فليس على الجاني أكثر من نصف القيمة لأنه يضمنه بالجناية ويكون النقص الزايد على ذلك غير مضمون كالشيء التالف ، ويكون نصف القيمة المأخوذة رهنا يتعلق به حق المرتهن ، فلو عفا الراهن عنه لم يصح عفوه عن شيء منه . فهذا حكم الجناية إذا كانت خطأ توجب المال .