پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص156

بالخيار بين أن يقتص من العبد الجاني وبين أن يعفو ، فإن عفا صارت الجناية هدرا وكان العبد الجاني رهنا بحاله ، وإن اقتص منه فذلك له ردعا للجاني إن كان القصاص في طرفه وزجرا لغيره إن كان في نفسه لقوله تعالى : ( ولكم في القصاص حياة ) [ البقرة : 179 ] فإن كان القصاص في نفسه بطل الرهن ، وإن كان القصاص في طرف من أطرافه كان رهنا بحاله .

( فصل )

وإن كان العبد المجني عليه مرهونا فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون مرتهنا عند مرتهن ثان غير مرتهن العبد الجاني فلا يخلو حال الجناية من أحد أمرين ، إما أن تكون عمدا أو خطأ ، فإن كانت خطأ فأرشها ثابت في رقبة الجاني لتعلق حق المرتهن برقبة المجني عليه وإذا كان كذلك فلا يخلو حال الأرش من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون أقل من قيمة الجاني .

والثاني : أن يكون أكثر من قيمته .

والثالث : أن يكون مثل قيمته .

فإن كان الأرش أقل من قيمة الجاني بأن كانت قيمة الجاني ألف درهم وأرش الجناية خمسمائة فالواجب أن يباع من الجاني بقدر الأرش وذلك نصفه ويكون النصف الثاني رهنا بحاله ، ويؤخذ ثمن ما بيع من الأرش فيوضع رهنا مكان المجني عليه ، أو قصاصا من الحق المرهون فيه وإن كان أرش الجناية مثل قيمة الجاني أو كان أرشها أكثر من قيمة الجاني فهما سواء وفيه وجهان :

أحدهما : أن ينقل الجاني من الرهن فيوضع رهنا في يدي مرتهن العبد المجني عليه من غير بيع لأن بيعه إنما يجوز ليكون الفاضل من ثمنه رهنا في يد مرتهنه فإذا استوعبت الجناية جميع قيمته ، لم يكن لبيعه وارتهان ثمنه معنى .

والوجه الثاني : أن الجاني يباع ويوضع ثمنه رهنا مكان المجني عليه لجواز حدوث راغب يشتريه بأكثر من أرش جنايته . فيكون الفاضل منها رهنا بيد مرتهنه وهذا أصح الوجهين إلا أن يقطع بعدم الزيادة وإن كانت الجناية عمدا فالسيد بالخيار بين أن يقتص من الجاني وبين أن يبيعه في الأرش ، فإذا أراد القصاص فذاك له ، فإذا اقتص منه وكان القصاص في النفس فقد بطل الرهن ، وإن كان في طرف كانا بعد الجناية والقصاص رهنا بحالهما ، وإن عدل عن القصاص إلى المال فذلك له ويكون حكم الأرش كحكم الأرش في جناية الخطأ على ما مضى .