الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص143
والحال الثالثة : أن يصدق المرتهن ويكذب الراهن فعلى العدل اليمين لأن الثمن ملك للراهن فلا يمنع الراهن من إحلاف العدل على ملكه لأجل تصديق غيره ، فإن حلف العدل برئ من الثمن ، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على الراهن ، فإن حلف الراهن وجب على العدل غرامة الثمن ، فإذا غرم الثمن اختص به الراهن ولم يكن للمرتهن فيه حق لإقراره بتلف ما كان حقه متعلقا به ، فإن سأل الراهن أن يقبض المرتهن حقه من هذا الثمن لتبرأ ذمته ، فواجب على المرتهن أن يقبض حقه من الثمن الذي غرمه العدل ويبرئ الراهن من حقه ، فإن قبض المرتهن حقه من هذا الثمن برئ الراهن من حق المرتهن ووجب على المرتهن أن يرد ما قبضه من ذلك على العدل ، لأن المرتهن يقر أن العدل مظلوم به وأنه باق على ملكه .
والحال الرابعة : أن يصدق الراهن ويكذب المرتهن ، فإن كان الراهن موسرا أجبر على دفعه للمرتهن ولم يكن للمرتهن إحلاف العدل ، وقد برئ العدل بتصديق الراهن ، وإن كان الراهن معسرا فهل تسقط اليمين عن العدل بتصديق الراهن أو يجب عليه لأجل تكذيب المرتهن ؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوليه في مدعى جناية العبد المرهون إذا صدقه الراهن وكذبه المرتهن هل يثبت حقه في رقبة العبد المرهون أم لا ؟ على قولين ، كذلك العدل إذا ادعى تلف الثمن فصدقه الراهن وكذبه المرتهن كان على وجهين مخرجين مما ذكرنا من القولين – أحد الوجهين أن العدل قد برئ بتصديق الراهن وليس للمرتهن إحلافه ، والوجه الثاني : أنه لا يبرأ بتصديق الراهن وعليه أن يحلف للمرتهن فإن حلف العدل للمرتهن برئ من الحكم ، وإن نكل العدل عن اليمين فهل يجوز أن ترد على المرتهن أم لا ؟ على ما مضى من القولين ، أحدهما : لا ترد عليه لأن الثمن ملك لغيره ، والثاني : ترد اليمين عليه لأن الثمن صائر إليه .
فعلى هذا إذا حلف المرتهن وجب على العدل غرامة الثمن ثم لا يخلو حال الثمن من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون الثمن بإزاء حق المرتهن من غير زيادة ولا نقص فله مطالبة العدل بجميعه ، فإذا قبض ذلك منه سقط حق المرتهن من ذمة الراهن لإقراره بقبضه .
والقسم الثاني : أن يكون الثمن أقل من حق المرتهن فله قبض جميع الثمن ومطالبة الراهن بما بقي من حقه بعد قبض الثمن .
والقسم الثالث : أن يكون الثمن أكثر من حق المرتهن ، فليس للمرتهن أن يأخذ منه إلا قدر حقه ، فإذا أخذ قدر حقه برئ الراهن منه ، وليس للراهن مطالبة العدل بما بقي من الثمن يعد حق المرتهن لأنه مقر أن العدل مظلوم بجميع الثمن ، فإن قيل ، فإذا كان ما قبضه