الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص142
الغرماء لمعنيين أحدهما أن المشتري لم يدخل في العقد راضيا بذمته فلا يجوز أن يسوي بينه وبين من راضاه على ذمته والثاني أنا لو لم نقدمه به لأدى إلى الامتناع من ابتياع مال المفلس خوفا من استحقاق المبيع ودخول الضرر في تأخير الثمن فوجب تقديمه به كما وجب تقديم المنادي بأجرته والدلال بجعالته ، ليقدم الناس على معاملته ، والقول الثاني ما نقله الربيع وحرملة أن المشتري أسوة الغرماء لاستوائه وإياهم في تعلق الغرم بذمته ولا يجب تقديم المشتري عليهم وإن لم يرض بذمته بدليل أن المفلس لو جنى على مال رجل فتعلق الغرم بذمته كان أسوة الغرماء وإن لم يرض بذمته .
ومن أصحابنا من حمل اختلاف النص في الموضعين على اختلاف حالين فالموضع الذي نقل منه المزني أن المشتري يقدم على جميع الغرماء إذا لم يفك الحجر عن المفلس فيقدم المشتري على جميع الغرماء والموضع الذي نقل منه الربيع وحرملة أن المشتري أسوة الغرماء إذا فك الحجر عنه ثم استحق المبيع من يدي المشتري فصار الثمن مع باقي الديون في ذمته ، ثم أصاب ما لا يحجر عليه فإن المشتري أسوة الغرماء .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
إذا قال العدل المأمون ببيع الرهن قد بعته وقبضت ثمنه وضاع من يدي فقوله مقبول لأنه أمين وقول الأمين في تلف ما بيده مقبول ، كالمودع والوكيل فأما وجوب اليمين عليه فمعتبرة بما يكون من تصديق الراهن والمرتهن أو تكذيبهما لأن لكل واحد منهما حقا وإذا كان كذلك فلا يخلو الراهن والمرتهن من أربعة أحوال ، أحدها أن يصدقا جميعا العدل على تلف الرهن في يده ، فلا يجب على العدل اليمين بتصديقهما والحال الثانية أن يكذبا جميعا العدل في تلف الثمن من يده فعلى العدل اليمين ، لأنهما بالتكذيب يدعيان عليه استحقاق الثمن في يده فإن حلف برئ من الحكم من الثمن ، وإن نكل عن اليمين ردت على الراهن دون المرتهن لأن الثمن على ملكه ، فإن حلف الراهن كان على العدل عزم الثمن وكان حق المرتهن متعلقا به يستوفيه منه وإن نكل الراهن وبذل المرتهن اليمين لأجل أن الثمن صائر إليه ، فهل يجوز أن ترد اليمين عليه أم لا ؟ على قولين مبنيين على اختلاف قوليه في اختلاف غرماء المفلس فيما نكل عنه المفلس .
أحدهما : أن اليمين ترد على المرتهن فإن حلف وجب على العدل غرامة الثمن ليستوفي المرتهن حقه وإن نكل برئ العدل ،
والقول الثاني : لا ترد اليمين على المرتهن ، فعلى هذا القول برئ من الثمن بنكول الراهن ،