الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص137
وللراهن أن يرجع على أيهما شاء . فإن رجع على العدل رجع بمائة وعشرة دراهم ويرجع العدل على المشتري بمائة درهم ولا يرجع عليه بالعشرة الزائدة وإن رجع الراهن على المشتري رجع عليه بمائة درهم ورجع على العدل بعشرة دراهم وهي الزيادة التي بذلت له . وإذا غرم المشتري لم يكن له أن يرجع بها على العدل .
وإذا كان كذلك فلا يخلو حال القابض من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون الراهن والمرتهن جميعا قد اجتمعا على قبضها فقد برئ العدل والمشتري منها ثم للراهن والمرتهن فيها ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يتفقا على تركها رهنا فتكون رهنا على ما اتفقا عليه .
والحال الثانية : أن يتفقا على أن تكون قصاصا فتكون قصاصا كما اتفقا .
والحال الثالثة : أن يختلفا فيدعو أحدهما إلى أن تكون رهنا ويدعو الآخر إلى أن تكون قصاصا ، فالقول قول من دعا إلى أن تكون قصاصا إذا كان الحق حالا ، لأن الإذن بالبيع إنما كان لقضاء الحق ولم يكن لترك ذلك في الرهن وليس فساد البيع موجبا لإبطال هذا الحكم .
والقسم الثاني : أن يكون القابض لها هو الراهن دون المرتهن ، فيكون للمرتهن أن يرجع بها على العدل دون المشتري ، وإنما كان كذلك لأن المرتهن يرجع بحق الرهن والعدل ضامن لحق الرهن دون المشتري وإنما يضمن المشتري بحق الملك . فلذلك كان للمرتهن أن يرجع على العدل لأنه ضامن لحق الرهن ، ولم يكن له أن يرجع على المشتري لأنه ضامن لحق الملك .
فإن قيل : أليس لو جنى على الرهن كان للمرتهن أن يرجع على الجاني بالأرش وإن كان الجاني ضامنا لحق الملك ؟ فقيل : إنما كان للمرتهن أن يرجع على الجاني لأن الجاني ضامن للحقين معا ، إذ ليس بجب ضمان حق الرهن على غير الجاني وليس كذلك في بيع العدل لأن العدل ضامن لحق الرهن ، فلم يضمنه المشتري .
فإذا رجع المرتهن على العدل لم يكن للعدل أن يرجع الراهن بما دفعه إلى المرتهن ، لأن العدل لو كان دفع إلى المرتهن في الابتداء كان للراهن أن يرجع عليه بما دفع ، ويصير العدل متطوعا بما دفعه إلى الراهن .