الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص134
فهذه الثلاثة شروط في صحة البيع وسقوط الضمان .
والرابع : ألا يسلم المبيع إلا بعد قبض الثمن . وهذا شرط في سقوط الضمان وليس بشرط في صحة البيع .
والخامس : أن يكون البيع ناجزا فلا يشترط فيه خيار الثلاث 0 وفي هذا الشرط وجهان :
أحدهما : أنه شرط في صحة البيع وسقوط الضمان .
والثاني : أنه استحباب لا تأثير له في البيع ولا في الضمان .
فهذه خمسة شروط تختلف أحكامها على ثلاثة أوجه إلا أن مسألة الكتاب تختص بالشرط الأول منها وهو الغبن في الثمن وفيه دليل على حكم ما يضاهيه .
أحدهما : أن يكون بما يتغابن الناس بمثله ، مثل أن يكون ثمن الرهن مائة درهم وغبنه مثله عشرة دراهم وقد باع العدل بتسعين درهما . فهذا بيع جائز ولا ضمان على العدل ، لأن البيع موضوع على المغابنة والمكاسبة والاحتراز مما جرت به العادة من غبينة المثل غير ممكن وكان ذلك معفوا عنه .
والضرب الثاني : أن يكون مما لا يتغابن الناس بمثله ، مثل أن يساوي مائة وغبينة مثله عشرة دراهم ، وقد باعه بخمسين درهما فالبيع باطل لوقوعه على غير الوجه المأذون فيه ويمنع العدل من تسليم الرهن إلى المشتري ، فإن سلمه إلى المشتري صار العدل بالتسليم ضامنا لا بالعقد وعليه استرجاعه من يد المشتري . فإن فات استرجاعه فقد استتر الضمان في ذمة العدل ، وفي قدر ما يضمنه قولان :
أحدهما : أنه يضمن القدر الذين لا يتغابن الناس بمثله وذلك أربعون درهما ، لأن الضمان إنما يجب فيما حصل فيه التفريط ، والتفريط إنما كان في قدر ما لا يتغابن الناس بمثله . فأما العشرة التي يتغابن الناس بمثلها فلم يفرط فيها فلم يلزم ضمانها . أما الخمسون فهو غير مفرط فيها فلم يلزمه ضمانها .
والقول الثاني وهو الصحيح : أنه ضامن لجميع القيمة وذلك مائة درهم ، لأن البيع وقع فاسدا ، فلم يجز تسليم السلعة به ومن سلم سلعة إلى غير مستحقها كان ضامنا لجميع قيمتها .