الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص111
فأما الجواب عن قولهم إن الرهن إذا بطل لم يصح بسبب يحدث فيما بعد كالبيع وغيره فهو أن يقال : لما جاز عوده إلى الملك بعد بطلانه وإن خالف سائر الأملاك جاز عوده إلى الرهن بعد بطلانه وإن خالف سائر العقود على أن بطلان الرهن لا يكون منبرما باستحالته خمرا وإنما يكون مراعى ، فإن صار خلا بان أن الرهن لم يبطل ، وإن لم يصر خلا بان أنه قد كان بطل كما نقول في ارتداد الزوجة : إن النكاح مراعى . فإن لم تسلم قبل أن تقضي العدة بان أن النكاح قد كان باطلا بالردة وإن أسلمت قبل أن تنقضي العدة بان أن النكاح لم يبطل بالردة .
وأما الجواب عن استدلالهم بجلد الشاة المرهونة إذا دبغ فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن الجلد يعود إلى الرهن بالدباغة كما يعود الخمر إذا صار خلا بالاستحالة فعلى هذا يسقط السؤال .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يعود إلى الرهن بالدباغة وإن عاد العصير بالاستحالة .
فعلى هذا الفرق بينهما : أن الجلد لما لم يعد إلى الملك إلا بفعل حادث لم يعد إلى الرهن إلا بعقد حادث ولما عاد الخمر إلى الملك إذا استحال خلا بغير فعل حادث عاد إلى الرهن بغير عقد حادث .
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن يكون ملكا لربه الأول دون الدابغ كالخمر إذا استحالت خلا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يكون ملكا للدابغ ولا يكون ملكا لربه الأول بخلاف الخمر لأنه لا يملك إلا بإحداث فعل ، فوجب أن يكون ملكا لمن وجد منه الفعل وليس كذلك استحالة الخمر لأنه ملك بغير إحداث فعل . وعلى هذين الوجهين يبني عود للجلد المدبوغ إلى الرهن .