الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص107
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أنه يكون رجوعا في التدبير على القولين معا سواء قلنا إن التدبير وصية أو عتق بصفة .
فعلى هذا الفرق بين الرهن والهبة : أن الهبة تزيل الملك بعد القبض وهي أحد موجبي زوال الملك قبل القبض ، والرهن لا يزيل الملك ولا هو أحد موجبي ما يزيل الملك فلذلك كانت الهبة رجوعا وإن لم يقبض على القولين معا بخلاف الرهن .
فأما ما اختاره من أن الرهن مبطل للتدبير كما كان مبطلا للوصية فالجواب عنه أن يقال :
أما على القول الذي يزعم أن التدبير عتق بصفة فلا يكون الرهن رجوعا عن التدبير لا يختلف فيه وأما على القول الذي يزعم أن التدبير وصية فقد اختلف أصحابنا في عقد الرهن إذا تجدد هل يبطل التدبير والوصية أم لا . على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن عقد الرهن يبطل التدبير والوصية جميعا لأنهما يبطلان بالقول مع بقاء الملك ، والرهن كالقول في الرجوع . فعلى هذا قد صح للمزني المذهب وسلم له الدليل .
والوجه الثاني : أن عقد الرهن لا يبطل التدبير ولا الوصية جميعا لأن عقد الرهن ليس بصريح في الرجوع ولا فيه دليل على الرجوع . وإنما صارت رقبته وثيقة بحق المجني عليه فلم يجز أن يكون الرهن رجوعا كما لم تكن جناية العبد رجوعا . فعلى هذا لم يصح للمزني المذهب ولا سلم له الدليل .
والوجه الثالث : أن الرهن يكون رجوعا في الوصية ولا يكون رجوعا في التدبير . والفرق بينهما : أن التدبير أقوى من الوصية وإن جرى مجرى الوصية لأن التدبير عطية تقع بالموت لا تفتقر إلى قبول فقوي حكمها ولم تبطل بالرهن والوصية لا تملك إلا بالقبول بعد الموت فكانت أضعف من التدبير فبطلت بالرهن . فعلى هذا قد صح للمزني المذهب ولم يسلم له الدليل .