الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص106
لأن قضاء الدين مقدم على العتق بالتدبير ، لأن محل التدبير في الثلث والدين من رأس المال وبما وجب من رأس المال أحق بالتقديم مما وجب في الثلث .
فإن كان الدين محيطا بجميع قيمته بيع جميعه في قضاء الدين ولم يعتق شيء منه بالتدبير . وإن كان أقل من قيمته بيع منه بقدر الدين وعتق من الباقي بالتدبير قدر ما احتمله الثلث .
قيل : لأن استدامة الرهن أقوى من ابتدائه . ألا ترى أن جناية المرهون إذا طرأت على الرهن لم تمنع صحة الرهن ولو تقدمت على الرهن منعت من صحة الرهن .
فأما ما اختاره من أن التدبير وصية وليس بعتق بصفة ، فاستدل عليه من مذهب الشافعي بمسألتين ليس له فيهما دليل :
إحداهما : أنه قال : قد قال الشافعي ولو قال لمدبره : إن أديت كذا بعد موتي فأنت حر أنه رجوع في التدبير . ولا دليل للمزني في هذه المسألة لأن الشافعي قال ذلك على القول الذي يزعم أن التدبير وصية . فأما على القول الآخر الذي يقول إن التدبير عتق بصفة ، فلا يختلف أصحابنا أنه لا يكون رجوعا عن التدبير .
والمسألة الثانية : أن قال : قد قال الشافعي رحمه الله : ولو وجب المدبر ولم يقبضه إنه رجوع في التدبير .
واختلف أصحابنا في هذه المسألة على وجهين :
أحدهما : أن الهبة قبل القبض تكون رجوعا في التدبير على القول الذي يقول : إن التدبير وصية فأما على القول الذي يقول : إن التدبير عتق بصفة فلا يكون رجوعا في التدبير .
فعلى هذا لا دليل للمزني في هذه المسألة كما لم يكن له دليل في تلك .