الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص92
أحدهما : عليهما أن يشهدا بالإقرار المطلق ، وليس عليهما الإخبار بما علما في الباطن لأن الشاهد يؤدي ما تحمل .
والوجه الثاني : وهو أصح . أن عليهما أن يشهدا بالإقرار المطلق ويخبرا بما علما في الباطن ، لأن الشاهد ينقل إلى الحاكم بما علمه .
فسواء كان إقرارا أو غير إقرار . وهكذا القول في كل ما عليه مع ما تحمله إلا أن يكون ما علمه ينافي ما تحمله أو يعتقد أنه مناف لما تحمله فيلزمه الإخبار بما علمه . . . وهذا مبني على ما ذكرنا من اختلاف الوجهين في اجتهاد الشاهد .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن جناية العبد على ضربين :
عمد يوجب القود وقد مضى حكمه ، وخطأ يوجب المال وهذا موضعه فإذا كانت جناية العبد خطأ توجب المال فقد تعلقت برقبته ليباع في جنايته .
واختلف أصحابنا في كيفية وجوبها على وجهين :
أحدهما : أنها وجبت ابتداء في رقبته لأنه لو مات سقط أرشها لفوات رقبته .
والوجه الثاني : أنها وجبت ابتداء في ذمته ثم انتقل وجوبها إلى رقبته لأنه لو أعتق لوجب عليه أرشها في ذمته ، ولو وجبت في رقبته لكان كالحق المرهون فيه لا ينتقل بعد عتقه إلى ذمته .
والوجه الأول أصح . لأنها لو وجبت في ذمته في الابتداء ما جاز أن تنتقل إلى رقبته في الانتهاء كالدين ، لما كان وجوبه في ذمته لم ينتقل إلى رقبته .
فإذا ثبت أن أرش الجناية متعلق برقبته فإن فداه السيد من جنايته أو أبرأه المجني عليه منها جاز للسيد أن يرهنه لفكاك رقبته ، وخلاصه من جنايته فإن كان أرش الجناية باقيا في رقبته لم يجز للسيد أن يرهنه لأنه مرهون بأرش جنايته ، فإن رهنه باطلا موسرا كان أو معسرا .
ومن أصحابنا من خرج في رهنه قولا ثانيا أنه جائز إذا كان موسرا وهو قول من زعم أنها وجبت في الابتداء في ذمته . فإن فداه السيد استقر رهنه وإن بيع في الجناية بطل رهنه .
والصحيح أن رهنه باطل قولا واحدا في اليسار والإعسار لأن حق الجناية أوكد من حق