الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص66
فإذا قلنا : إن المهر يجب إذا وطئ بغير إذن الراهن وهو أن تكون جاهلة بالتحريم ، أو مكرهة مع علمها بالتحريم ففي وجوبه عليها إذا وطئ بإذن الراهن قولان :
أحدهما : لا مهر عليه ؛ لأن الوطء يتعلق به حقان :
أحدهما : لله تعالى وهو الحد .
والثاني : للآدمي وهو المهر .
كما أن القتل يتعلق به حقان :
أحدهما : لله تعالى وهو الكفارة .
والثاني : للآدمي وهو الدية .
ثم ثبت أنه لو أذن له في قتلها سقط عنه حقه من قيمتها دون حق الله تعالى من الكفارة ، فكذلك إذا أذن له في وطئها سقط عنه حقه من مهرها دون حق الله تعالى من الحد .
والقول الثاني : عليه المهر ؛ لأن هذا الوطأ موجب للمهر . كما أن الوطأ في النكاح الفاسد موجب للمهر ، ثم ثبت أنه لو وطأ في النكاح الفاسد بإذن الموطوءة لم يسقط عنه المهر . كذلك إذا وطئ بإذن الراهن لم يسقط عنه المهر .
وأما قيمة الولد إذا لحق به وصار حرا ، فمن أصحابنا من قال في وجوب قيمته قولان كالمهر . وهو قول أبي علي بن أبي هريرة .
ومن أصحابنا من قال : عليه قيمة الولد قولا واحدا وهو قول أكثرهم والفرق بين الولد والمهر من وجهين :
أحدهما : أن الوطأ مأذون فيه فسقط غرم بدله والإيلاء غير مأذون فيه فلم يسقط غرم بدله .
والثاني : أن الوطأ استهلاك غير موجود فجاز أن يسقط غرمه عنه . والولد اكتساب موجود فوجب عليه غرمه .
فأما غرم ما نقص من قيمتها بالولادة فإن لحق به الولد فعليه غرمه لا يختلف وإن لم يلحق به الولد ففي وجوب غرمه قولان وكذلك لو مات .
أحدهما : عليه غرمه ؛ لأنه بسبب منه .
والثاني : ليس عليه غرمه لعدم لحوق الولد به .