الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص64
ولأنه وطء وجب به الحد على الموطوءة فوجب ألا يجب به المهر كالحرة وأما ما ذكره من إذنها في قطع عضو من أعضائها فالفرق بينهما :
أن القطع إتلاف فلم يسقط غرمه بإذن من لا يملكه ، وهذا الوطء زنا والزنا غير موجب للمهر سواء كان ممن يملك ذلك المهر أو لا يملكه .
فهذا الكلام في المرتهن إذا كان عالما بالتحريم .
فأما إذا كان جاهلا بتحريم الزنا ، أو عالما بتحريم الزنا جاهلا بأن وطء المرهونة زنا لأنه أسلم قريبا أو كان ببادية نائية أو كان ببعض جزائر البحر النائية عن أقاليم المسلمين ، أو نشأ في بلاد الشرك لسبب اعترضه فهذا ليس بزان ويتعلق بوطئه ثلاثة أحكام :
أحدها : سقوط الحد عنه لأن جهله بتحريمه شبهة في درء الحد عنه وهو إجماع الصحابة لما روي عن سعيد بن المسيب قال : كنا بالشام فتذاكرنا حديث الزنا فقال رجل : زنيت فأنكرنا عليه . فقال : أحرام الزنا ؟ فكتبنا إلى عمر رضي الله عنه فقال : إن كان جاهلا فانهوه فإن عاد فارجموه .
وروي أن عبد الرحمن بن عوف أعتق أمة وزوجها من راع فزنت فحملها إلى عمر فقال لها : زنيت يا لكعا ، فقالت : نعم مرعونين بدرهمين ، فقال : لعلي ما تقول فيها ؟ فقال : قد اعترفت عليها الحد . فقال لعبد الرحمن : ما تقول فيها ؟ فقال : كما قال أخي علي . فقال لعثمان : ما تقول فيها ؟ فقال : أراها تستهل كأنها لم تعلم وإنما الحد على من علم فدرأ عنها الحد . وقوله : أراها تستهل كأنها لم تعلم يعني تعترف به اعتراف من لا يعلم .
فأما إذا كان عالما بتحريم الزنا جاهلا بوجوب الحد فيه حد ولم يكن ذلك شبهة في درء الحد عنه .
فأما الموطوءة فإن كانت مثله جاهلة بتحريمه فلا حد عليها وإن كانت عالمة فلا حد عليها إن كانت مكرهة وعليها الحد إن كانت مطاوعة .
والحكم الثاني : لحوق النسب ؛ لأنه عن وطء شبهة ، ويكون حرا ، وعلى المرتهن الواطئ قيمته يوم سقط حيا للراهن لأنه لو لم يلحق بالمرتهن لكان ملكا للراهن ، ومن حصلت منه الحرية في ملك غيره كان عليه القيمة كالشريكين إذا أعتق أحدهما وكان موسرا .
والحكم الثالث : المهر : وهو على ما مضى من اعتبار حال الموطوءة : فإن كانت