الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص63
وتحرير ذلك أن نقول : لأنها وثيقة للحق المتعلق بها ، فوجب ألا يمنع من وجوب الحد بوطئها . أصله : ما ذكرنا .
ولأن تعلق حق المجني عليه برقبة الأمة الجانية أقوى من تعلق حق المرتهن بالأمة المرهونة ؛ لأن حق المجني عليه إذا طرأ على حق المرتهن قدم به فدل على قوته ، وإذا كان حق المجني عليه أقوى ولم يمنع من وجوب الحد بوطئه فأولى أن يكون حق المرتهن مع ضعفه غير مانع من وجوب الحد بوطئه .
فأما قوله بأن الرهن شبهة فغلط ، لأن الشبهة المسقطة للحد إما أن تكون شبهة عقد كالنكاح بلا ولي ولا شهود أو شبهة ملك كالأمة بين الشريكين ، أو شبهة في الفعل كمن وجد على فراشه امرأة فظنها زوجته أو يكون جاهلا بالتحريم . وليس الرهن واحدا من هذه فلم تكن شبهة في إسقاط الحد .
وأما قياسهم على المكاتبة : فالمكاتبة باقية على ملكه من وجه وإن كانت خارجة عن ملكه على وجه . ألا ترى أنه لو أعتقها عتقت ولو عجزت عادت إلى ملكه كما كانت . فسقط عنه الحد لبقاء ملكه ، وليس كذلك المرهونة .
وأما الحكم الثاني وهو انتفاء النسب فيكون الولد مملوكا للراهن غير لاحق بالمرتهن ، لأن الزنا يمنع من لحوق النسب لقوله ( ص ) ‘ الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ‘ .
وأما الحكم الثالث فهو وجوب المهر فينظر ، فإن كان قد أكرهها على الوطء فعليه المهر .
وقال أبو حنيفة : لا مهر عليه وسيأتي الكلام معه في كتاب الغصب وإن طاوعته على الوطء .
فمذهب الشافعي : لا مهر عليه .
وقال أبو العباس بن سريج : عليه المهر ولا يسقط بمطاوعتها لأنه حق للسيد فلم يسقط ببذلها وإباحتها كما لو أذنت في قطع عضو من أعضائها لم يسقط الأرش عن الجاني عليها .
وهذا غلط ‘ لأن النبي ( ص ) نهى عن مهر البغي ‘ وهذه بمطاوعتها بغي فوجب أن يسقط مهرها .