الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص55
وبه قال سائر الفقهاء ليعلم أن في المسألة خلافا وليس إجماعا كما يقول مالك : إنها إجماع . بناء على أصله : أن من خالف من الصحابة خارج المدينة لم يكن خلافا .
قال الماوردي : والحكم في عتق الرهن كالحكم في إحباله فإذا أعتق الراهن الجارية المرهونة بعد القبض بغير إذن المرتهن كان على ثلاثة أقاويل كما قلنا في إحباله :
أحدها : أن عتقه نافذ في اليسار والإعسار فلا يجوز بيعها وبه قال أبو حنيفة ووجهه مع ما تقدم ذكره شيئان :
أحدهما : قوله ( ص ) : لا عتق قبل ملك فدليله نفوذ العتق بعد وجود الملك .
والثاني : هو أن في إبطال العتق إبطال حق لا يقوم غيره مقامه . وليس في إبطال الرهن إبطال الحق لأن ما في الذمة يقوم مقامه ، فكان تنفية العتق أولى حراسة للحقين وإثباتا للأمرين :
والقول الثاني : أن العتق باطل في اليسار والإعسار ويجوز بيعها وبه قال داود : ووجهه مع ما تقدم ذكره شيئان :
أحدهما : أن حق المرتهن متعلق بذمة الراهن ورقبة الرهن فلما لم يملك الراهن أن ينقل حق المرتهن من ذمته إلى ذمة غيره بالحوالة إلا باختيار المرتهن لم يملك أن ينقل حق المرتهن من رقبة الرهن إلى قيمته إلا باختيار المرتهن .
والثاني : هو أن تعلق حق المرتهن برقبة الرهن أقوى من تعلق حق غرماء المأذون له في التجارة بما في يده ؛ لأن ذلك عن عقد وهذا عن غير عقد فلما ثبت أن سيد العبد المأذون له في التجارة لو أعتق عبدا في يد عبده المأذون له كان عتقه باطلا لتعلق حقوق الغرماء به كان عتق الراهن عبده المرهون أولى أن يكون باطلا لتعلق حق المرتهن به .
والقول الثالث : أن العتق نافذ في اليسار باطل في الإعسار وبه قال مالك ووجهه ما مضى من توجيه القول الأول . فإن قلنا يبطل في الإعسار فوجهه ما مضى في القول الثاني .