پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص53

قلنا : للشافعي فيه قولان :

أحدهما : أن عليه قيمتها إن كانت أمة وديتها إن كانت حرة . فعلى هذا لا فرق بين المرهونة وغيرها .

والقول الثاني : أنه لا شيء عليه في الحرة ولا في الأمة من دية ولا قيمة . فعلى هذا الفرق بين الراهن حيث غرم القيمة وبين غيره : أن الراهن يلحق به الولد الذي هو سبب موتها . وذلك من جهته فلزمه غرم قيمتها والمكره على الزنا لا يلحق به الولد ، فلم يكن سبب موتها من جهته ، فلم يلزم غرم قيمتها فإذا ثبت أن عليه غرم قيمتها فقد اختلف أصحابنا في اعتبار وقت القيمة على ثلاثة أوجه :

أحدها : وقت العلوق ؛ لأن بالوطء كان التعدي .

والثاني : وقت الموت ؛ لأن به استقر التلف وهو قول ابن أبي هريرة .

والثالث : أكثر ما كانت قيمة من وقت الوطء إلى وقت الموت كالغصب .

فإذا غرم القيمة كان بالخيارين أن تكون رهنا مكانها سواء كانت أكثر من الحق أو أقل ، وبين أن تكون قصاصا إن كانت أقل من الحق أو مثله وإن كانت أكثر من الحق لم يلزمه دفع الزيادة على الحق .

وأما القسم الثاني وهو ألا تموت لكن تنقص قيمتها بالوضع : فعليه غرم ما نقصتها الولادة يكون رهنا معها أو قصاصا من الحق فإن أحب أن يكون رهنا معها كان كذلك سواء كان فيها وفاء بالحق أم لا .

وإن أحب أن يكون قصاصا من الحق كان قصاصا . فإن كان فيه وفاء للدين خرجت الجارية من الرهن وصارت أم ولد . وإن لم يكن فيه وفاء للدين وبقي منه شيء وإن قل كانت الجارية بحالها رهنا .

وأما القسم الثالث وهو أن تكون على حالها لم تمت ولم تنقص بالوضع : فلا شيء على الراهن ، ثم لا يخلو حال الحق من أحد أمرين :

إما أن يكون حالا ، أو مؤجلا : فإن كان مؤجلا لم يجز أن تباع قبل الأجل ، وإن كان حالا لم يجز أن تباع قبل استغناء الولد عن ارتضاع اللبأ فإذا ارتفع اللبأ ووجدت مرضعة ترضعه تمام الرضاع جاز حينئذ أن تباع في الدين ويفرق بينها وبين الولد في البيع فإن قيل : أليس لو كان الولد مملوكا لم يجز أن يفرق بينها وبين الولد في البيع حتى يستكمل سبعا ، فهلا قلتم كذلك في الولد إذا كان حرا ؟ قيل : الفرق بينهما من وجهين :