الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص50
فأما الأم فهي له أم ولد . وهل تخرج من الرهن أم لا ؟ قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب الرهن الصغير المنسوب إلى قوله في القديم :
إن كان معسرا لم تخرج من الرهن فإن كان موسرا فعلى قولين وقال في كتاب الرهن الكبير المنسوب إلى قوله في الجديد : أنه إن كان موسرا خرجت من الرهن وطولب بقيمتها .
وتكون رهنا أو قصاصا من الحق وإن كان معسرا فعلى قولين .
فحصل في خروجها من الرهن ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها تخرج من الرهن في اليسار والإعسار .
والقول الثاني : أنها لا تخرج من الرهن في اليسار والإعسار .
والقول الثالث : تخرج من الرهن في اليسار ولا تخرج منه في الإعسار .
وإذا قلنا : تخرج من الرهن في اليسار والإعسار فهو قول أبي حنيفة ووجهه ثلاثة أشياء :
أحدها : هو أن الرهن محتبس في يد المرتهن بدينه كما أن المبيع محتبس في يد البائع بثمنه ، فلما كان حبس الجارية في يد البائع بالثمن لا يمنع من أن تصير بوطء المشتري أم ولد يحرم بيعها ، كذلك حبس الجارية في يد المرتهن بدينه لا يمنع من أن تصير بوطء الراهن أم ولد يحرم بيعها .
والثاني : هو أن حق المرتهن يتعلق بالعين والذمة ، وحكم الإحبال متعلق بالعين دون الذمة ، والحقان إذا ترادفا وكان أحدهما متعلقا بالعين والذمة ، والآخر متعلقا بالعين دون الذمة ، كان ما تعلق بالعين دون الذمة متقدما على ما تعلق بالعين والذمة ، كالجناية إذا حدثت من الرهن كانت الجناية متقدمة لتعلقها بالدين .
والثالث : هو حكم الإحبال أقوى من الرهن من وجهين :
أحدهما : أن حكم الإحبال يقع في الملك ويسري إلى غير الملك . والرهن لا يصح إلا في ملك .
والثاني : أن حكم الإحبال يستوي فيه الرشيد وغير الرشيد والرهن لا يصح إلا من رشيد . فإذا كان الإحبال أقوى من الرهن في هذين الوجهين وزيادة غلب حكم الإحبال على الرهن . . . فهذا توجيه هذا القول .
وإذا قلنا : إنها لا تخرج من الرهن في اليسار والإعسار وهو قول داود فوجهه ثلاثة أشياء :