الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص32
ونظيره من الضمان : أن يضمن زيد عن عمرو ألفا ثم يعود عمرو ليضمنها عن زيد ، فيكون ضمان زيد باطلا .
فأما إذا حصل لزوجة العبد على سيده مال عن معاملة : فأعطاها زوجها رهنا بمالها عليه كان ذلك جائزا . والنكاح بحاله ؛ لأن ارتهانها له استيثاق به في الحق فلم يمنع صحة النكاح .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن خروج الرهن من يد المرتهن إلى يد الراهن لا يبطل الرهن ؛ لأن استدامة قبضه ليست شرطا في صحته خلافا لأبي حنيفة . وقد مضى الكلام معه وإياه قصد الشافعي .
ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره لم ينفسخ الرهن . فإن قيل : فعلى مذهبكم أن منافع الرهن ونماءه للراهن فكيف يصح للراهن أن يستأجر الرهن أو يستعيره من المرتهن ؟ ففيه أربعة أجوبة :
أحدها : أن الشافعي أراد بذلك أن عود الرهن إلى يد الراهن لا يفسخ الرهن ردا على أبي حنيفة حيث جعل عوده إلى يده فاسخا للرهن . فعبر عنه بهذه العبارة ، لأنها لفظ عطاء بن أبي رباح فأورده على جهته تبركا به ، ولم يرد به صحة إجاراته ، وإعارته .
والجواب الثاني أن في المسألة إضمارا يصح عود الجواب إليه . وهو أنها مصورة في رهن فقد كان المرتهن استأجره من الراهن قبل الرهن أو بعده ، فكان في يده بعقدين :
أحدهما : عقد الإجارة على منفعته .
والثاني : عقد الرهن على رقبته . فيكون المرتهن لأجل الإجارة مالكا لمنافعه . فإن استأجره الراهن منه أو استعاره فالإجارة صحيحة ، والعارية جائزة ، وعقد الرهن بحاله لا ينفسخ .
وقد يصح مثل في الوصايا في رجل وصى برقبة عبده لرجل ومنفعته لآخر أو صحت الوصية لهما بموته وقبولهما . ثم إن الموصى له بالرقبة رهن رقبة العبد عند الموصي له بالمنفعة ، فصارت المنفعة بالوصية والرقبة في يده بالرهن ، فلو عاد الراهن فاستأجر العبد المرهونة رقبته أو استعاره لم ينفسخ الرهن .
والجواب الثالث : أن الهاء في قوله : ولو أكرى الرهن من صاحبه ، كناية تعود إلى المرتهن دين الراهن ، لأنه قد يجوز أن يضاف إلى المرتهن لأجل رهنه ، كما يضاف إلى