پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص31

( فصل )

إذا قال : قد رهنتك عبدي هذا بالألف التي لك علي إلى سنة ، على أنني إن قضيتك الألف مع السنة فالرهن لي . وإن لم أقضك مع السنة فالرهن لك قد بعته عليك بالألف فهذا رهن باطل وبيع باطل .

أما الرهن فلأنه شرط فيه ما ينافيه إذ ليس من حكم الرهن أن يملك بالحق عند تأخر قضائه . وأما البيع فلأنه معلق بصفة ، وعقد البيع لا يجوز أن يعلق بالصفات .

فإذا ثبت بطلان الرهن والبيع وكان المرتهن قد قبض هذا الرهن فهو غير مضمون عليه في السنة . فإذا انقضت السنة صار مضمونا عليه . وإنما كان غير مضمون عليه في السنة ، ومضمونا عليه بعد السنة ، لأنه في السنة مقبوض عن رهن فاسد والرهن الفاسد غير مضمون ، لأن الرهن الصحيح غير مضمون ، وهو بعد السنة مضمون عن بيع فاسد ، والبيع الفاسد مضمون ، لأن البيع الصحيح مضمون .

( فصل )

ولو قال : قد رهنتك عبدي هذا بألف إلى سنة . فإن قضيتك الألف مع السنة فالعبد لي ، وإن لم أقضك فالعبد لك ، وقد بعته عليك ، كان الرهن جائزا ، والبيع باطلا ، بخلاف المسألة المتقدمة . لأنه لم يقل : على أنني إن لم أقضك ، فقد بعته عليك فيخرجه مخرج الشرط . وإنما قال : فإن لم أقضك فقد بعته عليك . فأخرجه مخرج الخبر ، فلم يقدح في صحة الرهن .

وبطل البيع كما بطل في المسألة الأولى لتعلقه بالصفة كتعلقه بها في المسألة الأولى ثم هو قبل السنة غير مضمون على المرتهن ، لأنه مقبوض عن رهن صحيح ، وبعد السنة مضمون على المرتهن لأنه مقبوض عن بيع فاسد .

( فصل )

فلو كان المرهون في المسألتين جميعا أرضا ، فغرسها المرتهن ، نظر في غراسه ، فإن كان قد غرسه قبل تقضي السنة ، كان للراهن أن يأخذه بقلصه ولا يغرم أرش نقصه وإن كان قد غرسه بعد تقضي السنة لم يكن للراهن أن يأخذه بقلعه ، إلا أن يغرم أرش نقصه .

والفرق بينهما : أنه قبل السنة غير مأذون له في الغرس ، لأنه رهن بيده ، ولا يجوز للمرتهن أن يتصرف فيما بيده ، فصار متعديا . فلذلك أخذ بقلعه . وبعد السنة مأذون له في الغرس لأنه مبيع عليه ، وللمشتري أن يتصرف فيما ابتاعه ، فلذلك لم يؤخذ بقلعه .

( فصل )

إذا تزوج العبد امرأة بإذن سيده على صداق ألف ، ثم إن السيد ضمن لها الألف عن عبده وأعطاها العبد نفسه رهنا بالألف لم يجز ، وكان رهنه بها فاسدا ؛ لأن أصل الدين مضمون على العبد فلم يجز أن يجعل رهنا في الدين ، لأن الوثيقة غير الموثوق فيه