الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص25
حالة يحتاج فيها إلى إقامة البينة عليه ، لأن ذلك أبلغ في الاحتياط ، وأوكد في التوثق .
فهذه خمسة شروط على المولى أن يفعلها في مال الولي عليه ليصح البيع والرهن فإن أخل بشرط منها نظر ، فإن كان واحدا من الشروط الأربعة دون الشهادة بطل البيع والرهن ، وإن أخل بالشهادة فعلى وجهين :
أحدهما : يبطل البيع والرهن ، كالشروط الأربعة .
والثاني : لا يبطل . وتكون الشهادة تأكيدا ؛ لأنها تراد للاستيثاق ، والرهن أقوى استيثاقا منها ، ولم يفتقر الولي إليها . فهذا الحكم في بيع ماله وأخذ رهن به .
أحدهما : أن يكون الزمان آمنا ، والسلطان عادلا لا يخاف على المال التلف . ولا يخشى عليه الهلاك . فلا يجوز له أن يقرضه ؛ لأن في إقراضه والحالة هذه عدم حظ وقل نظر ، فإن أقرضه كان ضامنا .
والضرب الثاني : أن يكون الزمان مخوفا والسلطان جائرا يخاف على المال التلف ، ويخشى عليه الهلاك ففي جواز قرضه وجهان .
أحدهما : لا يجوز ؛ لأن ترك المال وإن كان مخوفا فالقرض مخوف . فلم يجز أن يتعجل أحد الخوفين .
والوجه الثاني : أن ذلك جائز وهو الصحيح ؛ لأن قرضه أقل غررا وتركه أكثر خوفا . فعلى هذا يعتبر في صحة هذا القرض ثلاثة شروط :
فالشرط الأول : أن يقرضه لرجل ثقة مليء بحيث لو أراد أن يودعه مال المولى إليه كان أهلا لذلك . فإن أقرضه غير ثقة ، أو كان ثقة غير مليء لم يجز لما فيه من تغرير المال .
والشرط الثاني : أن يأخذ منه رهنا بذلك ليكون وثيقة بالدين الذي حصل عليه . ويكون في الرهن وفاء بالمال ، فإن لم يأخذ منه رهنا أو أخذ منه رهنا ليس فيه وفاء لم يجز .
وقال بعض أصحابنا يجوز ألا يأخذ على القرض رهنا بخلاف البيع ؟ لأن القرض إنما يجوز عند الخوف على المال ، فلما جاز أن يخرج المال من يده خوفا عليه ، جاز ألا يأخذ رهنا تخوفا عليه . وهذا غير صحيح ، لأن المال إن تلف كان من ضمان المولى عليه ، فجاز أن يخرجه من يده . وليس الرهن إن تلف من ضمانه فلم يجز أن يخرجه من يده .
والشرط الثالث : أن يشهد عليه ليكون أبلغ في الاستيثاق منه . فإن لم يشهد عليه ، فعلى الوجهين الماضيين .