الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص16
رهن في جميع الأيام ، وقبضه حكم مستدام ، وخروجه في يوم المهايأة عن يده لا يزيل حكم قبضه عنه ، وإن حصل في يد غيره . فصار كمن رهن شيئا على أنه يكون في يد مرتهنه يوما وعلى يد عدل يوما لم يمنع ذلك من صحة الرهن وكان هذا بخلاف قوله : أرهنك يوما واسترجعه منك يوما .
قال الماوردي : موت الراهن أو المرتهن بعد العقد وقبل القبض إذا مات الراهن أو المرتهن بعد عقد الرهن ، وقبل قبضه : فظاهر نصه هاهنا أن الرهن لا ينفسخ بموت المرتهن قبل القبض . وظاهر نصه في موضع آخر : أن الرهن ينفسخ بموت الراهن قبل القبض ففسخ الرهن بموت الراهن ، ولم يفسخه بموت المرتهن .
فاختلف أصحابنا : فكان بعضهم ينقل جوابه من كل واحد من الموضعين إلى الآخر فيخرج ذلك على قولين :
أحدهما : أنه ينفسخ الرهن بموت الراهن والمرتهن جميعا ، لأن الرهن قبل القبض من العقود الجائزة ، والعقود الجائزة تنفسخ بالموت كالشركة والوكالات .
والقول الثاني : أنه لا ينفسخ بموت الراهن ، ولا بموت المرتهن . لأنه وإن كان قبل القبض من العقود الجائزة ، فهو يفضي إلى اللزوم ، وما أفضى إلى اللزوم وإن كان جائزا ، لا ينفسخ بالموت كالبيع في مدة الخيار . وهذا أصح القولين .
وقال آخرون من أصحابنا : ليست المسألة على قولين بل الكلام على ظاهره في الموضعين وهو أن ينفسخ الرهن بموت الراهن ، ولا ينفسخ بموت المرتهن .
والفرق بينهما : أن المرتهن هو صاحب الدين ، ومن له دين مؤجل فمات لم يحل بموته وكان دين المرتهن مؤجلا بعد موته كما كان مؤجلا قبل موته وكان الراهن المعقود فيه قبل موته باقيا على حاله بعد موته . فلذلك لم ينفسخ بموته ، وليس كذلك الراهن ؛ لأن الدين عليه ، فإنما مات حل الدين بموته ، فاستحق مطالبة الورثة به . فلم يكن لبقاء الرهن معنى . كذلك الفسخ .