الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص15
وقال أبو حنيفة : رهن المشاع يصح من الشريك ، ولا يصح من غير الشريك .
قال : لأن رهنه من غير الشريك يوجب مهايأة بين المرتهن والشريك . والمهايأة توجب انتزاع الرهن من يد المرتهن باستحقاق قارن العقد ، فوجب أن يكون مانعا من صحة الرهن . أصله . إذا رهن شيئا مغصوبا .
قال : ولأن المهايأة توجب تسليمه إلى المرتهن يوما وانتزاعه من يده يوما ، ولو شرط هذا في عقد الرهن كان باطلا ، فكذا إذا استحق هذا بعقد الرهن كان باطلا .
ودليلنا : هو أن كل ما جاز بيعه جاز رهنه كالمجوز فإن قيل : فالخلاف في صحة قبضه لا في صحة عقده ، قلنا : كلما صح أن يكون مقبوضا في البيع صح أن يكون مقبوضا في الرهن كالمحوز . ولأنه لو رهن شيئا محوزا عند رجلين جاز الرهن وإن كان نصفه مشاعا رهنا عند كل واحد من الرجلين فكذا إذا كان النصف منه مشاعا رهنا والنصف الآخر مطلقا .
وتحرير هذا الاستدلال قياسا :
أن كل شيء جاز له أن يرهن جميعه عند شخص جاز له أن يرهن بعضه مشاعا عند ذلك الشخص .
أصله : إذا رهن المحوز عند رجلين .
وأما قياسهم على رهن المغصوب بعلة أن المهايأة واجبة ، وهي توجب انتزاع من اليد .
قلنا : المهايأة غير واجبة عندنا لأمرين :
أحدهما : أن منفعة الشيء بين المالكين ، فلم يلزم أحدهما : أن يعارض على منفعة ملكه بما يعتاضه من منفعة ملك صاحبه .
والثاني : أن في المهايأة تعجيل لحق مؤجل وتأجيل لحق معجل . وتعجيل ما كان مؤجلا ، وتأجيل ما كان معجلا غير واجب ، ولو وجبت المهايأة لكان الجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أن المغصوب لا يمكن استيفاء الحق من ثمنه فلم يجز رهنه ، وليس كذلك المشاع بعد المهايأة .
والثاني : أن القبض في المغصوب لم يصح فيلزم به الرهن ، وليس كذلك المشاع بعد المهايأة .
وأما قولهم : إن ذلك يقتضي أن يكون يوما رهنا ، ويوما غير رهن ، فغير صحيح . لأنه