پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص14

أحدهما : إجماعهم على أن المرتهن لا يستحق ذلك .

والثاني : أنه جعل على الراكب والشارب نفقة الرهن ، والنفقة واجبة على الراهن دون المرتهن ، فثبت بهذين جواز ذلك للراهن ، فصار مستحقا لإزالة يد المرتهن عنه . ثم لم يزل حكم الرهن عنه فثبت أن استدامة قبضه ليست شرطا في صحته . ولأنه عقد من شرط لزومه القبض ، فوجب أن لا يكون من شرط صحته استدامة القبض كالهبة والصرف . ولأن القبض في الرهن أوسع من القبض في البيع ، لجواز اشتراط الرهن على يدي عدل . فلما لم تكن استدامة القبض في البيع مع قوته شرطا في صحته ؛ فلأن لا تكون استدامة القبض في الرهن مع ضعفه شرطا في صحته أولى . ولأن من جعل استدامة القبض فيه شرطا فلا يخلو أن تكون استدامة قبضه مشاهدة أو حكما فلا يجوز أن يكون الشرط في صحة استدامة قبضه مشاهدة ، لجواز خروجه من يده بعارية أو على يد عدل . فثبت أن الشرط في صحة استدامة قبضه حكما ، وهذا شرط معتبر عندنا ، لأنه وإن خرج من يده باستحقاق . فهو في حكم المقبوض له ، لأنه لا يخرج عن سلطان المرتهن ولا يحال بينه وبينه .

وأما استدلالهم بقوله تعالى : ( فرهن مقبوضة ) [ البقرة : 283 ] فهو حجة عليهم . لأنه جعل الرهن وثيقة بحصول القبض . فإذا حصل القبض مرة فقد استقر القبض وحصل الرهن وثيقة أبدا .

وأما قياسهم على المبيع في يد بائعه لاستيفاء الثمن ، فغير صحيح . لأن المبيع المحبوس بحق اليد لا العقد . فإذا زالت اليد زال حكم الاحتباس والرهن محبوس بحق العقد والقبض ، فإذا زال استصحابه لم يبطل العقد المقترن به كقبض الهبات والصرف .

وأما قولهم : إن المقصود بعقد الرهن حصول الاحتباس والقبض كالملك في البيع ، فحجة تعكس عليهم لأنه لما لم تكن استدامة الملك في البيع شرطا في صحة العقد ، بل لو شرط ألا يزيل المشتري ملكه عن المبيع بطل العقد وجب ألا تكون استدامة القبض في الرهن شرطا في صحة العقد .

وأما قولهم : إن لزومه لما كان بالقبض ، وجب أن يزول لزومه بزوال القبض ، فباطل بالعارية فإنه قد زال بها القبض ولم يزل بها لزوم الرهن على قولنا إن لزومه كان بالقبض لا باستدامة القبض ، وخروجه من يده يزيل استدامة القبض ولا يزيل ما تقدم من القبض فلم يزل ما به لزم على أن حكم قبضه مستدام .

( فصل )

فأما الفصل الثاني في رهن المشاع فمذهب الشافعي : جواز رهن المشاع من الشريك ، وغير الشريك .