پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص13

( فصل )

فأما الخلاف المتعلق بهذه المسألة فهو يشتمل على فصلين :

أحدهما : هل استدامة قبض الرهن من شرط صحته أم لا ؟

والثاني : هل رهن المشاع جائز أم لا ؟

فأما الفصل الأول في استدامة القبض فتقديم الكلام فيه أولى لأنه لأبي حنيفة أصل ينشئ بطلان رهن المشاع عليه . فمذهب الشافعي : أن استدامة قبض الرهن ليس بشرط في صحة الرهن . فإن خرج الرهن من يد المرتهن باستحقاق كالإجارة ، أو بغير استحقاق كالإعارة أو الغصب لم يبطل الرهن .

وقال أبو حنيفة : استدامة قبض الرهن شرط في صحة الرهن . فإن خرج من يد المرتهن باستحقاق كالإجارة ، أبطل الرهن ، وإن خرج من يده بغير استحقاق كالغصب والإعارة لم يبطل الرهن ، لأنه لا يقدر على انتزاعه إذا خرج باستحقاق أو بقدر على انتزاعه إذا خرج بغير استحقاق .

واستدل على أن استدامة القبض شرط في صحة الرهن بقوله تعالى : ( فرهن مقبوضة ) [ البقرة : 283 ] فجعله بالقبض وثيقة للمرتهن . فدل على أن زوال القبض يزيل وثيقة المرتهن .

ولأنه محتبس بحق الاستيفاء فوجب أن يكون زوال اليد عنه مزيلا لحق الاستيفاء منه أصله : المبيع المحتبس في يد بائعه لاستيفاء ثمنه .

ولأن المقصود بعقد الرهن حصول الاحتباس والقبض كما أن المقصود بالبيع حصول الملك واليد ثم كانت استدامة الملك في البيع من موجبه ومقتضاه فوجب أن تكون استدامة القبض في الرهن من موجبه ومقتضاه .

ولأن الرهن قبل القبض غير لازم ، فإن قبض صار لازما . فلما كان لزومه بالقبض ، وجب أن يزول لزومه بزوال القبض .

ودليلنا حديث أبي هريرة : أن رسول الله ( ص ) قال : [ الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة ، فجعل رسول الله ( ص ) ] الرهن مركوبا ومحلوبا ولا يخلو أن يكون ذلك للراهن أو للمرتهن فلم يجز أن نجعل ذلك للمرتهن لأمرين :