الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص11
أحدهما : يبطل . لأنه وإن كان باقيا على ملكه ، وجواز تصرفه ، فالتدبير تصرف يخالفه عقد الرهن فأبطله .
والقول الثاني : أن الرهن لا يبطل ، لاستواء تصرفه فيه قبل التدبير وبعده ، فلو وهبه وأقبضه أو رهنه من غيره وأقبضه بطل رهن الأول بزوال ملكه بالهبة وانعدام تصرفه بالرهن ، ولكن لو وهبه ولم يقبضه أو رهنه ولم يقبضه ، كان في بطلان الرهن قولان كالتدبير .
وأما إذا آجره فلا يبطل عقد الرهن لأنه لما جاز أن يؤاجره بعد القبض ، لم يبطل بإجارته قبل القبض : ولو كانت أمة فزوجها لم يبطل عقد الرهن . لأنه لما لم يبطل الرهن بتزويجها بعد القبض ولم يبطل بتزويجها قبل القبض ولو وطئها الراهن فإن حبلت من وطئه بطل الرهن ، وإن لم تحبل لم يبطل الرهن .
فإن قيل : لو وطئها البائع في مدة خياره . كان وطؤه فسخا للبيع فهلا كان وطوء الراهن قبل القبض مبطلا للرهن ؟ قيل : لأن وطء البائع ينافي البيع ، فكان فسخا وليس وطء الراهن ينافي الرهن وإنما يمنع منه بحق المرتهن فإذا أذن له جاز . وقبل القبض لم يلزم حق المرتهن وليس الوطء منافيا له فلم يكن فسخا .
قال الماوردي : وهذا كما قال . والكلام في هذه المسألة يشتمل على فصلين :
أحدهما : شرح المذهب فيها .
والثاني : ذكر الخلاف المتعلق بها .
فأما شرح المذهب فقوله : وما جاز بيعه جاز رهنه . فهذه هي الرواية المشهورة . ومن أصحابنا من يروي ذلك : ومن جاز بيعه جاز رهنه ، فيجعل ذلك معطوفا على قوله : ولا معنى للرهن حتى يكون مقبوضا من جائز الأمر حين رهن ، وحين أقبض . ومن جاز بيعه جاز رهنه . فيجعل الجائز الأمر في الرهن ، من جاز بيعه ، ومن لم يجز بيعه لم يجز رهنه مثل المجنون والصغير ، والمحجور عليه لسفه فيكون هذا مستمرا .
وعلى القياس مطردا . فيكون كل من جاز بيعه جاز رهنه ، وكل من لم يجز بيعه لم يجز رهنه .
قالوا : ومعنى قوله : من مشاع وغيره – يعني في مشاع وغيره .