الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص9
قبل القبض من العقود الجائزة ، دون اللازمة ، والعقود الجائزة تبطل بالجنون والموت ، كالوكالات والشرك والجعالات وهذا غلط ؛ لأن العقود الجائزة التي تبطل بالجنون والموت ما لا يفضي إلى اللزوم ، وعقد الرهن يفضي إلى اللزوم ، فلا يبطل بالجنون والموت كالبيع في مدة الخيار .
ولو كان المجنون منهما هو الراهن فأراد وليه أن يتولى إقباض الرهن للمرتهن فعلى قول من أبطل الرهن بجنون أحدهما لا يجوز للولي تسليمه إلى المرتهن ، فإن فعل ضمن .
فأما على مذهب الشافعي ، فيعتبر حال الرهن فإن لم يكن في تسليمه حظ للراهن لم يكن لوليه أن يسلمه ؛ لأن الرهن وإن كان لا يبطل على مذهب الشافعي بجنون أحدهما ، فتسليمه وإن صح العقد غير لازم ، والولي ليس له أن يخرج من ماله ما ليس بلازم له .
وإن كان في تسليم الرهن حظ للراهن ، وهو أن يكون مشروطا في بيع فيه فضل وإن لم يسلم الرهن فسخه البائع فهل يجوز له تسليمه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز لما قدمنا من التعليل .
والوجه الثاني : جائز لما يعود على المولى عليه من الفضل بتسليم الرهن .
فأما صفة الإقباض من جهة الراهن ، فإنه يعتبر بحال الرهن ، فإن كان مما لا يحتاج إلى كيل ولا وزن ، فإقباض الراهن له : أن يأذن للمرتهن في قبضه ويسلطه عليه . وقبض المرتهن له أن ينقله إن كان منقولا ، أو يتصرف في رقبته دون منفعته إن كان غير منقول . وتصرفه في رقبته : أن يرفع عنه يد مالكه ، فيتم القبض هاهنا بإذن الراهن وقبض المرتهن .