الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص5
الكاتب لقوله تعالى : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) [ البقرة : 283 ] فأباحه بوجود شرطين : السفر وعدم الكاتب .
ودليلنا : رواية الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن يزيد بن عبد الله عن أبي رافع عن أبيه قال : نزل برسول الله ( ص ) ضيف فقال لي : يا أبا رافع اذهب إلى فلان اليهودي فقل له : إن رسول الله ( ص ) قال : بعني إلى رجب ، فأتيته ، فقال : والله لا أبيعه إلا برهن فأتيت رسول الله ( ص ) فأخبرته ، فقال : اذهب بدرعي الجديد إليه . فرهنه بطعام إلى أجل مسمى .
فدل ذلك على جواز الرهن في الحضر ، لأن هذا كان بالمدينة ، ولأنها وثيقة تجوز سفرا فجازت حضرا كالضمين ؛ ولأن كل حال جاز فيها الضمين جاز فيها الرهن كالسفر فأما الآية فإنما ذكر فيها السفر لتعذر الشهادة فيه غالبا لا أنه شرط فيه .
وأما الحقوق الواجبة في الأموال فضربان :
أحدهما : أن تكون أعيانا قائمة .
والثاني : أن تكون في الذمة . فأما الأعيان القائمة فلا يجوز أخذ الرهن بها سواء كانت مضمونة كالمغصوب أو غير مضمونة كالودائع وقال مالك : كل عين مضمونة بالتلف يجوز أخذ الرهن عليها قبل التلف قال : لأنه مال مضمون فجاز أخذ الرهن فيه قياسا على ما في الذمم ، ولأن كل ما جاز أن يكون وثيقة لما في الذمة جاز أن يكون وثيقة للعين المضمونة كالشهادة .
ودليلنا هو : أنها عين باقية فلم يجز أخذ الرهن بها كالعين إذا لم تكن مضمونة . وهذا لأن كل عين لم يجز أخذ الرهن فيها إذا كانت أمانة لم يجز أخذ الرهن فيها إذا كانت مضمونة .
أصله : ما في يد البائع من العين المبيعة .
ولأن الرهن وثيقة لاستيقاء الحق منه ، والعين المضمونة مع بقائها لا يجوز أخذ بدلها ،