پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص414

بعد ، أو قد جمد ظاهره ، دون باطنه لم يلزمه أخذه فإذا جمد الرطب ، وصار في أول أحوال الجفاف ، لزمه قبوله وليس له أن يطالب بما هو أجف منه وأيبس ، فلو أعطاه تمرا قد تناهى جفافه ويبسه حتى لم يبق فيه نداوة لم يلزمه قبوله ؛ لأن ذلك نقص وبقاء النداوة في التمر أحفظ له وأوفر لديه ، وأمنع من فساده .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو كان لحم طائر لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن الرأس والرجلين من دون الفخذين لأنه لا لحم عليها وإن كان لحم حيتان لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن والرأس ولا الذنب من حيث لا يكون عليه لحم ‘ . قال الماوردي : وهذا كما قال قد ذكرنا أنه إذا أسلم في لحم الطير والحيتان لم يلزمه أخذ الرأس فيه ، ولا ما دون الفخذين من الطير ، والذنب من الحيتان ، لأن ذلك لا لحم عليه ، وقال بعض أصحابنا البصريين : ما كان من الطير صغيرا لا يحتمل أن يباع مبعضا لزم فيه أخذ الرأس ، والرجلين ، وكذا ما صغر من الحيتان لزم فيه أخذ الرأس ، والذنب لأنه يؤكل معه ويطبخ معه إلا أن يشترط قطع ذلك كالعظم ، ولهذا وجه . والأول : هو المذهب في أنه لا فرق بين صغار ذلك وكباره لتمييز الرأس والرجلين عن اللحم وليس كالسلم الذي هو تداخل في اللحم واللحم متراكب عليه وأما أخذ الجلد مع اللحم فإن كان لحم إبل أو بقر أو غنم لم يلزمه أخذ الجلد معه وإن كان لحم طير أو حوت لزمه أخذ الجلد مع اللحم لأنه مأكول معه ، ولا يكاد يفصل عنه وكان أولى أن يلزمه قبوله من العظم الذي قد يفصل عنه ، ولا يؤكل معه وهكذا لو كان السلم في لحوم الحداء الصغار لزم قبول الجلد فيها لما ذكرنا من العرف المعتاد في أكله معها ، وأنه لا يتميز في الغالب عنها .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن أعطاه مكان كيل وزنا أو مكان وزن كيلا أو مكان جنس غيره لم يجز بحال لأنه بيع السلم قبل أن يستوفى ‘ .

قال الماوردي : وهذه المسألة تشتمل على فصلين أحدهما : أن يسلم في مقدر فيقبض بغيره ، والثاني : أن يسلم في جنس فيأخذ غيره ، فأما الفصل الأول : فهو أن يسلم في الشيء كيلا فيقبضه بالوزن أو يسلم فيه موزونا فيقبضه بالكيل فلا يصح هذا لا من جهة الربا ولا من حيث أن القبض لم يقع موقعه ؛ لأن قبض المكيل يتم بالكيل ، وقبض الموزون يكون بالوزن ، ولا يكون قبض المكيل بالوزن ، ولا قبض الموزون بالكيل ، لأن المقدر بالوزن إذا كيل إنما زاد على الوزن أو نقص منه ، وكذا المقدر بالكيل إذا وزنه زاد على الكيل أو نقص منه فيؤدي إلى الجهالة في استيفاء الحق فلذلك لم يتم القبض به .