الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص407
باب التسعير
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ أخبرنا الدراوردي عن داود بن صالح التمار عن القاسم بن محمد عن عمر أنه مرّ بحاطب بن أبي بلتعة بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما فسعر له مدين بدرهم فقال عمر لقد حُدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك فإما أن ترفع في السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال له إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت فبع وكيف شئت فبع ( قال الشافعي ) وهذا الحديث مستقصى ليس بخلاف لما روى مالك ولكنه روى بعض الحديث أو رواه من روى عنه وهذا أتى بأول الحديث وآخره وبه أقول لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها ولا شيئا منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي تلزمهم وهذا ليس منها ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال : ولا يصح السلم إلا بعد تسليم جميع الثمن قبل الافتراق فإن افترقا قبل قبضه بطل السلم .
وقال مالك : إن تقابضا بعد الافتراق بزمان قريب إلى مدة ثلاثة أيام صح السلم . وإن لم يتقابضا حتى مضت الثلاث بطل .
وهذا خطأ لقوله ( ص ) من أسلف فليسلف في كيل معلوم فأمر بسلف المال فيه ، وذلك يقتضي التعجيل ، ولأن السلم مشتق من إسلام المال وهو تعجيله فلو جاز تأخيره عن المجلس لسلب معنى الاسم ، ولأن في السلم غررا فلو جاز فيه تأخير الثمن لازداد فيه الغرر وزيادة الغرر في العقد تبطله ولأن الثمن إذا تأخر مع تأخير المثمن صار دينا بدين وقد نهى النبي ( ص ) عن بيع الدين بالدين .
فإذا ثبت أن تعجيل الثمن في السلم من شرط صحته تعجيل نصف الثمن وبقي