الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص387
ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله تعالى دارا هي خير منها في الجنة ؟ قال : بلى . قال : فذلك لك .
فلما افتتح رسول الله ( ص ) مكة كلمه أبو أحمد بن جحش في دارهم فأمسك عنه كراهة أن يرجع في شيء أصيب من أموالهم في الله تعالى فقال لأبي سفيان :
فموضع الدليل من هذا هو أنه لو لم يكن للبيع تأثير ما جعل المشتري أحق ؛ ولأنه أحد الحرمين فجاز أن يصح بيع منازله وعقاره كالمدينة .
فأما الجواب عن قوله تعالى : ( والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء ) [ الحج : 25 ] ، فهو أنه محمول على موجب اللفظ في أن المراد به نفس المسجد دون غيره من مكة .
وأما قوله تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ) [ النمل : 91 ] يعني حرم صيدها وشجرها .
وأما احتجاجهم بالخبر فمنقطع ؛ لأن ابن أبي نجيح لم يلق عبد الله بن عمرو ، ولأن الحديث موقوف على عبد الله بن عمرو ، ولو ثبت لكان محمولا على الاستحباب .
وأما قول علقمة بن نضلة أن بيوت مكة كانت تدعى السوائب فالسائبة لا حكم لها عندها وقد أبطلها الله تعالى في كتابه .
على أنه يجوز أن يكون قال ذلك لكثرة الوقوف بها . فقد قال الشافعي رضي الله عنه قدمت مكة ومعي مال ، فقيل لي لو اشتريت بها دارا تكون لأهلك فلم أفعل لعلمي بكثرة الوقوف بها .
وأما قياسهم على المسجد الحرام فممتنع ؛ لأن المساجد المحرمة لا يجوز أن يقاس عليها المنازل المسكونة في تحريم البيع . ألا ترى أن سائر مساجد البلاد لا يدل تحريم بيعها على تحريم الدور والمنازل بها . والله أعلم .