الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص385
اختلاطه بالماء ، والغسل إنما يصح فيما يختلط بالماء فيصل إلى جميع أجزائه أو يجاوز الماء جميع أجزائه ، وهذا متعذر في الدهن لأنه يطفو على رأس الماء . وقال أبو العباس بن سريج : غسل الزيت ممكن وهو أن يراق في قلتين من ماء بأشد تحريك حتى يصل الماء إلى جميع أجزائه فعلى هذا خرج جواز بيعه على وجهين :
أحدهما : بيعه جائز كالثوب النجس .
والثاني : باطل بخلاف الثوب ، وليس كل ما أفضى إلى الطهارة في الحال الثانية جاز بيعه كجلد الميتة . وهكذا من ذهب إلى هذا القول حرم بيع الماء النجس الذي يطهر بالمكاثرة على وجهين .
وأما الجلالة من البهائم المأكولة وهي التي ترعى الأقذار والزبل فبيعها جائز لطهارتها . وإن ما رعته من الأقذار صار في مجل الأنجاس ، وأكلها جائز لهذا المعنى .
لكن جاء الأثر بالتوقف عن ذبحها بعد رعي الأقذار ، في البعير أربعين يوما والبقرة ثلاثين يوما والشاة سبعة أيام والدجاجة ثلاثة أيام . فيختار ذلك اتباعا للأثر فيه وإن لم يجب .
فأما الملاهي كالطنبور والعود والدف والمزمار ، فإن أمكن الانتفاع بها إذا فصلت جاز بيعها ، وكذلك اللعب .
لكن يكره بيع ذلك قبل تفصيله لبقاء المعصية فيه . فإن بيع على حاله جاز .
وأما إن كان ذلك إذا فصل لا يصلح لغير اللهو بحال ، وهذا نادر ؛ لأنه قد يصلح للحطب ، فإن كان لا يصلح له ولا منفعة فيه فبيعه باطل ؛ لأنه من أكل المال بالباطل . فأما عقد الإجارة على عمل ذلك فغير جائز لأنه عقد على إحداث معصية .
فأما بيع دور مكة وعقارها فلا بأس به وبإجارتها أرضها وبنائها . ورواه الحسن بن زياد عن أبي حنيفة .
وقال مالك : لا يجوز بيعها ولا إجارتها من الواردين إليها .
ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة ، تعلقا بقوله تعالى : ( والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ) [ الحج : 25 ] . فسوى بين جميع الناس فيه