الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص383
فأما النبات فما لم يكن منه سما قاتلا فبيعه جائز ؛ لأنه لا ينفك من منفعة إما بأكل أو علوفة أو وقود . وأما السم فإن كان قد يستعمل تداويا كالسقمونيا وما في معناه جاز بيعه .
وأما ما لا يستعمل تداويا بحال فضربان :
أحدهما : أن يقتل يسيره وكثيره منفردا ومع غيره فبيعه لا يجوز لعدم المنفعة فيه فيصير من أكل المال بالباطل .
والضرب الثاني : أن يقتل كثيره ولا يقتل قليله أو يقتل مع غيره ولا يقتل بانفراده فقد علق الشافعي القول في بيعه فخرجه أصحابنا على قولين :
أحدهما : بيعه باطل كالذي قبله .
والثاني : بيعه جائز لقصوره عن حال الأول . ومن أصحابنا من جوز بيع قليله الذي لا يقتل ومنع من بيع كثيره الذي يقتل . وهذا القول لا وجه له لأن كل ما جاز بيعه لم يكن جواز بيعه موقوفا على قدر منه كالمأكولات ، وكل جنس لم يجز بيعه لم يكن بطلان بيعه موقوفا على قدر منه كالنجاسات . والله أعلم .
فأما النجاسات فضربان :
أحدهما : ما كانت عينه نجسة .
والثاني : ما طرأت عليه النجاسة وجاورته .
فأما ما كان نجس العين كالخمر والميتة والدم والأرواث والأبوال فلا يجوز بيع شيء منها .
وجوز أبو حنيفة بيع جلد الميتة وقد مضى الكلام معه في كتاب الطهارة وجوز أيضا بيع السرجين وروث ما يؤكل لحمه ، استدلالا بأنه فعل الأمصار في سالف الأعصار من غير إنكار ، فلولا إباحته باتفاقهم لأنكروه أو بعضهم .
ولأن ما جاز الانتفاع به من غير ضرورة جاز بيعه كسائر الأموال .
ودليلنا رواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ قاتل الله اليهود ثلاثا إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها وإن الله تعالى إذا حرم على قوم شيئا حرم عليهم ثمنه ‘ .
ولأنه نجس العين فوجب أن لا يجوز بيعه كالميتة والخنزير ولأنه رجيع نجس فوجب أن لا يجوز بيعه كالعذرة .