الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص381
وحل ثمنه وقيمته وإن لم يكن يؤكل من ذلك الفهد يعلّم للصيد والبازي والشاهين والصقر من الجوارح المعلمة ومثل الهر والحمار الإنسي والبغل وغير ذلك مما فيه منفعة حيا وكل ما لا منفعة فيه من وحش مثل الحدأة والرخمة والبغاثة والفأرة والجرذان والوزغان والخنافس وما أشبه ذلك فأرى – والله أعلم – أن لا يجوز شراؤه ولا بيعه ولا قيمة على من قتله لأنه لا معنى للمنفعة فيه حيا ولا مذبوحا فثمنه كأكل المال بالباطل ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح . وجملة الحيوان ضربان : آدمي وغير آدمي ، فالآدمي ضربان : حر ومملوك ، فالحر لا يجوز بيعه وإن جازت إجازته .
والمملوك ضربان : مسلم وغير مسلم ، فإن لم يكن مسلما جاز بيعه من مسلم ومشرك صغيرا كان العبد أو كبيرا .
وقال أحمد بن حنبل : لا يجوز بيع من لم يحكم بإسلامه من المماليك الصغار على المشركين ويباعون على المسلمين لأنهم في العرف يثبتون على دين سادتهم فيشركون إن كان السيد مشركا ويسلمون إن كان السيد مسلما .
وهذا الذي قاله ليس بصحيح ؛ لأن من أجري عليه حكم الشرك فإسلامه مظنون . وقد يجوز أن يسلم إن كان سيده مشركا وبيع على الشرك .
وإن كان سيده مسلما فلم يكن ما اعتبره صحيحا إلا أن يذهب إليه من طريق الأولى فيصح . وأما المسلم فلا يجوز بيعه إلا على مسلم لأن الإسلام لعلوه لا تعلوه يد مشرك .
فإن بيع العبد المسلم على مشرك ففي البيع قولان :
أحدهما : باطل . وبه قال في الإملاء لقوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) [ النساء : 141 ] .
ولأن كل عقد منع الكافر من استدامته كحرمة الإسلام منع من ابتدائه كالنكاح
ولأن المقصود بعقد البيع أحد أمرين :
إما القربة بما يحصل من العتق كابتياع الولد وهو لا يعتق عليه ، أو حصول الربح بطلب الفضل وهو لا يقدر عليه فيحصل له الربح ، وإذا زال عن مقصود البيع من هذين الوجهين جرى مجرى بيع ما لا منفعة فيه فكان باطلا .
والقول الثاني : قاله في عامة كتبه وهو قول أبي حنيفة : إن البيع صحيح لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) [ البقرة : 275 ] .
ولأن كل من صح أن يشتري كافرا صح أن يشتري مسلما كالمسلم .
ولأن الكفر لا يمنع من ملك المسلم كما لو كان كافرا فأسلم .