الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص369
ودليلنا رواية علي بن أبي طالب أن النبي ( ص ) قال : ‘ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ‘ .
ورفع القلم عنه يمنع من إجازة عقده لما في إجازته من إجراء القلم عليه ، ولأنه غير مكلف فوجب أن لا يصح عقده كالمجنون ، ولأن في الولاية على الصبي حقين :
أحدهما : تولي عقوده .
والثاني : حفظ ماله . فلما لم يجز للولي أن يرد إليه حفظ ماله لم يجز أن يرد إليه تولي عقوده .
فأما القياس على العبد فلا يصح من وجهين :
أحدهما : أن العبد لما كان مكلفا صح عقده والصبي لما لم يكن مكلفا لم يصح عقده .
والثاني : أن الحجر على العبد حق لسيده فجاز للسيد إسقاط حقه بالإذن له ، والحجر على الصبي حق للولي فلم يجز إسقاطه بالإذن له . فثبت أن عقود الصبي باطلة بإذن وليه وغير إذنه .
وأما القسم الثالث : وهو من لا يصح منه الشراء بغير إذن واختلف أصحابنا في صحته بإذن وهو المحجور عليه بالسفه إن عقد بيعا أو شراء بغير إذن وليه كان باطلا ؛ لأنه بالحجر ممنوع التصرف منعا عاما ، وفي صحة العقد منه رفع الحجر عنه ، فإن اشترى بإذن وليه ففيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : باطل كالصبي .
والثاني : جائز كالعبد ، ولكن لو عين له الولي ما يشتريه وقدر له الثمن فعقد العقد على ذلك بالثمن المأذون فيه صح عقده وجها واحدا بخلاف التفويض لأنه عقد من مكلف قد صرف عن الاجتهاد بالتقدير فلم يكن للسفه فيه تأثير .
وأما القسم الرابع : وهو من يصح منه الشراء بإذن واختلف في صحته بغير إذن فهو العبد يصح شراؤه بإذن سيده ، لأنه ممنوع في حقه ، فإن اشترى بغير إذن سيده بثمن في ذمته ففي صحة العقد وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي سعيد الإصطخري أن شراءه باطل لأنه ممنوع من عقد البيع بغير إذن سيده كما هو ممنوع من النكاح بغير إذن سيده ثم ثبت أنه لو عقد نكاحا بغير إذن سيده كان باطلا ، وجب إذا عقد بيعا بغير إذنه أن يكون باطلا .
والوجه الثاني : وهو قول جمهور أصحابنا أن الشراء جائز لأن الحجر عليه لحق سيده