الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص365
أحدهما : لا أجرة له لأنه عمل ذلك مختارا عن غير عقد لازم ولا عن عوض مبذول فصار متطوعا به .
والقول الثاني : له الأجرة لأن في المنع منها ذريعة إلى إهمال الأيتام وترك مراعاتهم والتجارة بأموالهم .
وقاد قال المفسرون في تأويل قوله تعالى في أموال اليتامى : ( ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) [ النساء : 6 ] أن السرف هو أخذها على غير ما أباح الله تعالى .
وقوله : ( وبدارا أن يكبروا ) قال ابن عباس : هو أن يأكل اليتيم ببادر أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله ، وقوله : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) يعني بمال نفسه عن مال اليتيم وقوله : ( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) اختلف المفسرون فيه على أربعة أقاويل :
أحدها : أن يستقرض من ماله إذا احتاج ثم يقضي إذا وجد ، وهذا قول عمر وابن عباس وأحد قولي الشافعي .
والثاني : أنه يأخذ إذا كان محتاجا أجرة معلومة على قدر خدمته . وهذا قول عطاء والقول الثاني للشافعي .
والثالث : أنه يأكل ما سد الجوعة ويلبس ما وارى العورة ولا قضاء وهذا قول إبراهيم ومكحول وقتادة .
وروى سعد عن قتادة أن عم ثابت بن رفاعة وثابت يومئذ يتيم في حجره أتى نبي الله ( ص ) فقال : يا نبي الله : إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ؟ قال : أن تأكل بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ولا تتخذ من ماله وفرا .
والرابع : أن يأكل من ثمره ويشرب من لبن ماشيته ما يقيانه من غير تعرض لما سوى ذلك من فضة أو ذهب . وهذا قول أبي العالية والشعبي . روى القاسم بن محمد قال جاء أعرابي إلى ابن عباس وقال إن في حجري أيتاما وإن لهم إبلا فما يحل لي من ألبانها ؟ فقال : إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباها وتلوط حوضها وتفرط عليها يوم وردها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب .