الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص362
وليس لهذين في الصحابة مخالف فكان إجماعا .
ولأن الولي يقوم في مال اليتيم مقام البالغ الرشيد في مال نفسه فلما كان من أفعال الرشيد أن يتجر بماله كان الولي في مال اليتيم مندوبا إلى أن يتجر بماله . ولأن الولي مندوب إلى أن يثمر ماله من يلي عليه ، والتجارة من أقوى الأسباب في تثمير المال فكان الولي بها أولى .
فأما قوله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) [ الأنعام : 152 ] فقد اختلف المفسرون في تأويلها على ثلاثة أقاويل : فمذهب ابن أبي ليلى خارج منها ومذهبنا داخل فيها .
أحدها : أن التي هي أحسن التجارة وهذا قول مجاهد .
والثاني : أن يتجر له ولا يأخذ من الربح شيئا وهذا قول الضحاك .
والثالث : أن التي هي أحسن أن يأكل بالمعروف إن افتقر ويمسك عن الأكل إن استغنى وهذا قول ابن زيد .
وأما الجواب عن قوله إن التجارة خطر والربح متوهم فهو أن يقال : إن سلامة المال في أحوال السلامة أغلب ، وظهور الربح مع استقامة الأمور أظهر ، وإذا كان الأمر في هذين غالبا جاز العمل عليه لعدم اليقين فيه .
وأما قولهم إنه كالمودع في اختصاصه بالحفظ فخطأ لأن المودع نائب عن جائز الأمر فكان تصرفه موقوفا على إذنه ، والولي نائب عام التصرف ، ألا ترى أن له الإنفاق عليه وشراء العقار له .
قال : لأن للآجر والطين مرجوعا إن هدم وبقاء إن ترك ، والجص في الآجر لا مرجوع له وإذا انهدم بعضه خرب جميعه ، واللبن والطين قليل البقاء . وليس لهذا التحديد وجه صحيح لأن لكل قوم عرفا ولكل بلد عادة ، فمن البلاد ما لا يستحكم البناء فيه إلا بالحجارة والنورة ، ومنها بالآجر والجص ، ومنها بالآجر والطين ، ومنها باللبن والطين ، ومنها بالخشب الوثيق .