الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص359
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا كان لرجل في ذمة آخر دين حال فسأل تأجيله فأجله لم يلزم الأجل وكان له المطالبة به حالا .
ولو وفى بوعده وأجله به كان حسنا .
وقال مالك : متى أنظره بالدين وأجله له مدة لزمه ، ولم يكن له أن يتعجل المطالبة به سواء كان من ثمن مبيع أو قيمة متلف أو غيره ، بناء على أصله في أن الهبة تلزم العقد دون القبض فكذلك هنا الأجل يلزم بالوعد ويصير كالمستحق بالعقد .
وقال أبو حنيفة : إن كان الدين قيمة متلف لا مدخل للأجل في أصله لم يلزمه الأجل ، وإن كان من ثمن مبيع قد يصح دخول الأجل في أصله لزمه تأجيله ، بناء على أصله في أن ما اتفقا عليه بعد لزوم العقد من خيار أو أجل أو زيادة أو نقص في الثمن فهو لاحق بالعقد كما لو كان ذكراه حين البيع .
وعند الشافعي أن بعد لزوم العقد بالافتراق لا يلحق العقد أجل ولا خيار ولا زيادة في الثمن ولا نقصان .
واستدل من ألحق ذلك بالعقد بقوله ( ص ) : المؤمنون عند شروطهم .
فوجب أن يلزم ما شرطا من الأجل . قالوا : ولأن كل ما لزم بمقارنة العقد لزم إذا اتفقا عليه بعد لزوم العقد كالرهن . ولأن كل حال يملكان فيها الفسخ يملكان فيها شرط الأجل أصله ما بعد العقد وقبل التفرق .
ودليلنا قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) [ المائدة : 1 ] .
فلو صح أن يغير حكم العقد لما لزم الوفاء بما يقدم من العقد .
ولأنه حق استقر معجلا فلم يعد التأخير مؤجلا قياسا على قيم المتلفات . ولأنه عقد قد استقر لزومه فلم يجز أن يلحقه ما يغير أصله إذا كان ما اتفقا عليه بعد تلف العين أو موت أحد المتعاقدين .
ولأنه لو جاز أن يكون ما زيد في الثمن لاحقا بالعقد لكان الإبراء منه رافعا لجميع العقد ، وجاز إذا زاد المشتري في ثمن ما قد استحق بالشفعة أن يرجع به على الشفيع .
وفي إبطال أن يكون الحكم في هذين إلا على ما اتفقنا دليل على القول بمثله فيما اختلفنا .
فأما الجواب عن قوله : ‘ المؤمنون عند شروطهم ‘ فمعارض أو مخصوص أو مستعمل على الاستحباب .