الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص358
أحدهما : معرفة قدره .
والثاني : معرفة صفته فتنتفي الجهالة عند المطالبة . فأما الصفة فمعتبرة بحسب اعتبارها في السلم .
وأما القدر فيكون بالوزن إن كان موزونا وبالكيل إن كان مكيلا والذرع والعدد إن كان مذروعا أو معدودا .
فلو كان القرض مكيلا فأقرضه إياه وزنا جاز إن لم يكن فيه الربا لأنه يصير به معلوما به .
وإن كان فيه الربا فعلى وجهين :
أحدهما : لا يجوز خوف الربا كالبيع .
والثاني : يجوز وبه قال أبو حامد المروذي لأن القرض عقد إرفاق وتوسعة لا يراعى فيه ما يراعى في عقود المعاوضة . ألا ترى لو رد زيادة على ما اقترض من غير شرط جاز وإن لم يكن ربا محرما .
ولو كان القرض موزونا فأقرضه إياه كيلا ، فإن كان مما لا ينحصر بالكيل كالقطن والكتان والصفر والنحاس لم يجز لأن الجهالة لم تنتف عنه . وإن كان مما ينحصر بالكيل فإن لم يكن فيه الربا جاز وإن كان فيه الربا فعلى وجهين .
ولكن لو أقرضه جزافا فلم يجز للجهل بقدر ما يستحق الرجوع به .
وإذا قال الرجل لغيره : أقرض لي مائة درهم ولك علي عشرة دراهم فقد كره ذلك إسحاق وأجازه أحمد ، وهو عندنا يجري مجرى الجعالة ولا بأس به .
فلو أن المأمور أقرضه مائة درهم من ماله لم يستحق العشرة الأجرة لأنها بذلت له على قرض من غيره .
وإن كان قبل رد القرض عليه فقد كره ذلك ابن مسعود وأجازه ابن عباس وهو عندنا جائز إن كان من غير شرط والتنزه عنه أولى ، لما روي أن زيد بن ثابت رضي الله عنه استقرض من عمر رضي الله عنه مالا وكان يهاديه فامتنع عمر رضي الله عنه من قبول هديته فرد زيد القرض وقال : لا حاجة لي فيما يقطع الوصلة بيني وبينك .