الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص357
أحدهما : وهو قول جمهور أصحابنا أنه قرض باطل لأنه قرض جر منفعة وقد نهى النبي ( ص ) عنه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروروذي أنه جائز لأنه لما جاز مثل هذا في البيع وإن لم يجز مثله في القرض انصرف عن حكم القرض إلى المبيع فصار بيعا بلفظ القرض .
وهذا القول واضح الفساد لأنه يقتضي نقل القرض المقصود إلى بيع ليس بمقصود ولكن لو أن المقترض رد زيادة على المقرض من غير شرط جاز وكان محسنا لأن النبي ( ص ) رد مكان بكر رباعيا وقال خياركم أحسنكم قضاء .
ورد مكان صاع صاعين . لكن إن كانت الزيادة في الصفة كالصحاح مكان الغلة أو الطعام الحديث مكان العتيق لزم المقرض قبولها . وإن كانت الزيادة في القدر كالصاعين مكان الصاع والدرهمين مكان الدرهم فهي هبة لا يلزم المقرض قبولها إلا باختياره فهذا الكلام في الشرط إذا كان زائدا . فأما الشروط الناقصة كأن أقرضه صحاحا ليرد مكانها غلة ، أو طعاما حديثا ليرد مكانه عتيقا فالشرط باطل . وفي بطلان القرض به وجهان كالأجل . وكذلك كل شرط ناقص . والفرق بين الشروط الزائدة في بطلان القرض بها وبين الشروط الناقصة في صحة القرض على أحد الوجهين مع ما نذكر من الفرق في الرهن وبين الشروط الزائدة فيه والشروط الناقصة منه فأما شرط الرهن والضمين في القرض فهو جائز وليس من هذين النوعين وإنما هو استيثاق فيه .
ثم لا يخلو حال القرض الذي شرط فيه الضمين والرهن من أن يكون المستحق فيه المثل أو القيمة فإن كان المستحق فيه المثل جاز شرط الرهن فيه والضمين .
وإن كان المستحق فيه القيمة ففي صحة شرط الرهن والضمين فيه وجهان :
أحدهما : لا يصح شرط الرهن والضمين فيه وهذا قول من زعم أن قيمة القرض معتبرة بأكثر أحواله من حين القبض إلى حين التصرف ، فلا يصح أخذ الرهن والضمين فيه للجهالة بقيمته .
والوجه الثاني : أنه يصح أخذ الرهن والضمين فيه ، وهذا على قول من زعم أن قيمته معتبرة وقت القبض ، فعلى هذا إن علما قدر قيمته عند شرطه ووقت قبضه جاز أخذ الرهن فيه والضمين ، وإن جهلا أو أحدهما لم يجز . والله أعلم .