الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص356
وهذا خطأ لقوله ( ص ) : كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط . فأثبت أحكام الشروط إذا جاء النص بها ودل الكتاب عليها . ولأن ما منع من التفاضل منه منع من دخول الأجل فيه كالصرف .
ولأن من حكم القرض أن يملك كل واحد منهما به مثل ملك صاحبه ، فلما كان المقترض قد ملك القرض معجلا وجب أن يكون المقرض قد ملك بدله معجلا . وأما الخبر الذي استدلوا به فمخصوص بخبرنا . وأما قياسهم على الأثمان فمنتقض بالصرف ، ثم المعنى في الأثمان أنه لما جاز الزيادة فيها صح دخول الأجل فيها ، والقرض لما لم تجز الزيادة فيه لم يصح دخول الأجل فيه . فإذا صح أن تأجيل القرض لا يجوز فقد اختلف أصحابنا هل يبطل القرض باشتراط الأجل فيه ؟ على وجهين :
أحدهما : قد بطل القرض لاشتراط ما ينافيه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن القرض صحيح لأن الأجل وإن كان غير لازم فتأخيره من غير شرط جائز فلم يتنافيا والله أعلم .
فإن شرط زيادة على القرض فذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون القرض مما يدخله الربا كالذهب والفضة والبر والشعير ، فمتى شرط فيه زيادة لم يجز وكان القرض باطلا سواء كانت الزيادة في القدر كقوله قد أقرضتك هذه المائة بمائة وعشرة ، أو كانت الزيادة في الصفة كقوله : قد أقرضتك هذه المائة العلة بمائة صحاح ، أو كانت الزيادة في المنفعة كقوله : قد أقرضتك هذه المائة على أن تخد مني شهرا أو على أن تكتب لي بها سفتجة إلى بلد كذا ، لأن هذا نفع يعود عليه لما سقط عنه من خطر الطريق فالقرض في هذا كله باطل لأمرين :
أحدهما : أنه قرض جر منفعة وقد نهى النبي ( ص ) عنه .
والثاني : أن ثبوت الربا فيه بهذا الوجه يمنع منه .
والضرب الثاني : أن يكون القرض مما لا ربا فيه كالثياب والحيوان فإن كان ما شرط من الزيادة لا يتعلق بنفس القرض كقوله : على أن تخدمني شهرا لم يجز وكان قرضا باطلا لأن القرض ليس بلازم والاستخدام لوضح شرط لازم فتنافيا .
وإن كانت الزيادة تتعلق بنفس القرض إما في قدره كقوله : قد أقرضتك هذا الثوب بثوبين أو هذا العبد بعبدين ، أو في صفة كقوله : قد أقرضتك هذا الثوب الهروي بثوب مروي ففي صحة القرض وجهان :