الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص353
والوجه الثاني : وهو ظاهر المذهب أنه مضمون بالمثل لأنه يصح ثبوته في الذمة إذا وصف ، ولأن النبي ( ص ) اقترض حيوانا فرد حيوانا .
ولأن القرض إرفاق ومعونة فباين حكم المغصوب بالمفاضلة .
والضرب الثالث : ما لا مثل له ولا يضبط بالصفة كاللؤلؤ والجوهر والمعجونات من طيب أو دواء والخبز والبر المختلط بالشعير فهذا وما جرى مجراه في جواز قرضه وجهان :
أحدهما : وهو مذهب البصريين أن قرضه باطل لأنه لا يضبط بمثل ولا صفة فلم يصح استقراره في الذمة كالسلم .
فتكون العلة فيما يصح قرضه على مذهب البصريين أنه يصح فيه السلم ، وما لا يصح قرضه هو ما لا يصح فيه السلم .
والوجه الثاني : وهو مذهب البغداديين أن قرضه جائز لأن بيعه جائز ، وجعلوا العلة فيما يجوز قرضه أنه يجوز بيعه ، ويكون مضمونا على مقترضه بالقيمة وجها واحدا .
وفي اعتبار زمان ما ضمن من القرض بالقيمة وجهان :
أحدهما : أن قيمته معتبرة وقت قبضه . وهذا قول من زعم أن القرض يملك بالقبض .
والوجه الثاني : أنه يضمن قيمته أكثر ما كان قيمة من حين قبض إلى حين تصرف . وهذا قول من يزعم أن القرض يملك بالتصرف .
والدلالة على جواز قرضه مع ما يدل عليه من جواز السلم فيه حديث أبي رافع أن النبي ( ص ) اقترض من رجل بكرا ورد عليه جملا رباعيا .
ولأن كل عين صح أن تثبت في الذمة صداقا صح أن تثبت في الذمة قرضا وسلما كالثياب . ولأن كل ما جاز للإمام أن يقترضه للمساكين جاز لغيره أن يقترضه لنفسه كالدراهم والدنانير ، فإن أبا حنيفة يجوز للوالي أن يقرض الحيوان للمساكين . والله أعلم .
وهذا خطأ لأن ملك القرض غير مستقر لأن للمقرض استرجاعه وللمقترض رده والوطء لا يجوز إلا في ملك تام ، لأن لا يصير الإنسان مستبيحا للوطء بغير بدل وليس هذا كالأب إذا وهب جارية لولده في جواز الهبة مع جواز استرجاع الأب لها ، لأن ملك الأب قد انقطع بالهبة وإنما يستحدث ملكها بالاسترجاع .