الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص352
وعلى هذا المعنى لا يجوز شراء وقرض ، وهو أن يقول : قد اشتريت عبدك هذا بمائة على أن تقرضني مائة ، فهذا شرط باطل وقرض باطل لما ذكرنا من المعنى . وكذا لا تجوز الإجازة بشرط القرض .
قال الماوردي : وهذا صحيح أما القرض فإنما سمي قرضا لأن المقرض يقطع قطعة من ماله فيدفعها إلى المقترض . والقطع في كلامهم هو القرض فلذلك قيل : ثوب مقروض أي مقطوع ، وسمي المقراض مقراضا لأنه يقطع .
والقرض معونة وإرفاق ، والدليل على جوازه وإباحته : ما روى عطاء عن أبي رافع أن النبي ( ص ) اقترض من رجل بكرا فرد رباعيا وقال : خيار الناس أحسنهم قضاء . وروى إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة عن أبيه عن جده قال : استقرض مني رسول الله ( ص ) أربعين ألفا ثم أتى بمال فقال : ادعوا لي ابن أبي ربيعة فقال : هذا مالك فبارك الله لك في مالك وولدك إنما جزاء السلف الحمد والوفاء .
وروي أن النبي ( ص ) اقترض من رجل صاعا فرد عليه صاعين . وروي عنه ( ص ) أنه نهى عن قرض جر منفعة . فدل على جوازه إذا لم يجر منفعة .
فإذا ثبت جواز القرض فهو إنما يجوز في الأموال المنقولة ، فأما ما لا ينقل من الدور والعقار والضياع فلا يجوز قرضها اعتبارا بالعرف فيها ، وإن العادة جارية بإعارتها ، وإن ثبوتها في الذمم لا يصح . فأما الأموال المنقولة فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : ما كان له مثل كالدراهم والدنانير والبر والشعير وما جرى مجراه فقرض هذا يصح وهو مضمون على مقترضه بمثله وصفته وقدره .
والضرب الثاني : ما لا مثل له ولكن يضبط بالصفة كالثياب والحيوان فقرض ذلك جائز إلا الجواري فإن قرضهن لا يجوز على ما سنذكره ، وبماذا يصير هذا الضرب مضمونا على مقترضه على وجهين :
أحدهما : أنه مضمون عليه بقيمته كالمغصوب إذا لم يكن له مثل .