الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص337
وفيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أن يأتي وبيده حصاة إلى بزاز وبين يديه ثياب فيشتري منه ثوبا على أن يلقي هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو المبيع . فهذا بيع باطل للجهل بعين ما وقع العقد عليه .
والتأويل الثاني : هو أن يبتاع شيئا بثمن مؤجل إلى أن يلقي هذه الحصاة من يده وهذا أيضا بيع باطل للجهل بمدة الأجل .
والتأويل الثالث : هو أن يشتري من أرض إلى حيث انتهاء إلقاء الحصاة ثم يرمي الحصاة فإلى أين انتهت من الأرض فهو القدر المبيع ، وهذا أيضا بيع باطل للجهل بقدر ما يتناول العقد .
قال الماوردي : وأصل هذا ما رواه الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) نهى عن الملامسة والمنابذة .
وروى الشافعي عن ابن عيينة عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيعتين وعن لبستين ، أما البيعتان فالملامسة والمنابذة ، وأما اللبستان فاشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء . فأما بيع الملامسة فهو ما فسره الشافعي من أن يأتي الرجل بثوبه مطويا أو في سفط أو تكون ظلمة فيقول أبيعك هذا الثوب على أن تلمسه بيدك ولا خيار لك إذا أبصرته وعرفت طوله وعرضه ، فهذا بيع باطل للنهي عنه ، ولما فيه من الغرر لعدم النظر ، ولما تضمنه الشرط من إسقاط الخيار المستحق بالعقد .
( فأما ) بيع المنابذة : والنبذ في كلامهم الإلقاء . قال الله تعالى : ( فانبذ إليهم على سواء ) [ الأنفال : 58 ] وقال تعالى : ( فنبذوه وراء ظهورهم ) [ آل عمران : 187 ] أي ألقوه . وصورة المنابذة : أن يقول الرجل لصاحبه هوذا أنبذ إليك ثوبي ، أو ما في كمي على أن تنبذ إلي ثوبك أو ما في كمك على أن كل واحد منهما بالآخر ولا خيار لواحد منا بعد